فيه العرب وهم حجة؟ قال : أعمل على الأكثر ، وأسمّى ما خالفنى لغات». ورويت له فى كتب النحاة بعض آراء نحوية قليلة ، من ذلك أنه كان يقول إن ألف التثنية حرف الإعراب ، ويظهر أن ذلك كان رأى أستاذه ابن أبى إسحق ، وبه أخذ الخليل وسيبويه (١). ومن ذلك أنه كان يرى أن المنصوب فى قولهم : «حبذا محمد رجلا» حال لا تمييز (٢). وكان يترك صرف سبأ فى قوله تعالى. (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وكأنه جعله اسما للقبيلة (٣). والحق أنه لم يكن نحويّا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة ، إنما كان لغويّا ، وراويا ثقة من رواة الشعر القديم ، إذ كان قد سمع عن العرب وأكثر من السماع.
يونس (٤) بن حبيب
من موالى بنى ضبّة ، وقد لحق ابن أبى إسحق وروى عنه ، إذ ولد سنة ٩٤ للهجرة ، وعاش طويلا ، إذ توفى سنة ١٨٢ ويظهر أنه اختلف إلى حلقات عيسى بن عمر ، وقد لزم أبا عمرو بن العلاء ، ورحل إلى البادية وسمع عن العرب كثيرا ، مما جعله راويا كبيرا من رواة اللغة والغريب ، ولعل ذلك ما جعله يصنف كتابا فى اللغات. وكانت حلقته فى البصرة تغصّ بالطلاب ، وفى مقدمتهم أبو عبيدة اللغوى وسيبويه ، واسمه يتردد فى كتابه ، ولكن غالبا فى شواهد اللغة ، لا فى الآراء النحوية ، فسيبويه ـ على ما يبدو ـ لم يكن يعجب بتلك الآراء ، وكان
__________________
(٢) المغنى لابن هشام (طبعة دار الفكر بدمشق) ص ٥١٥ وكان يذهب إلى أن بنى تميم تهمل ليس مع إلا حملا على ما كقولهم ليس الطيب إلا المسك بالرفع (همع الهوامع) ١ / ١١٥.
(٣) الإنصاف فى مسائل الخلاف لابن الأنبارى (طبعة أوربا) ص ٢٠٧.
(٤) انظر فى ترجمة يونس أبا الطيب اللغوى ص ٢١ والسيرافى ص ٣٣ وابن الأنبارى ص ٤٩ ومعجم الأدباء ٢٠ / ٦٤ وابن الجزرى ٢ / ٤٠٦ وشذرات الذهب ١ / ٣٠١ وبغية الوعاة ص ٤٢٦.
(٤) الخصائص ٣ / ٧٣.