الرضىّ يقارن بين آراء النحاة من البصريين والكوفيين والبغداديين مختارا لنفسه منها ما تتضح علله ، وكثيرا ما يضمّ إلى مختاره عللا جديدة ، وقد ينفرد ببعض الآراء على نحو ما مرّ بنا آنفا من ذهابه إلى أن كل مرفوع أصل بنفسه وكذلك كل منصوب.
الزمخشرى (١)
هو محمود بن عمر ، ولد سنه ٤٦٧ بزمخشر ، قرية من قرى خوارزم ، فنسب إليها ، وبها كان منشؤه ومرباه ، وقد أقبل منذ نعومة أظفاره على العلوم اللغوية والدينية ، ورحل فى سبيل طلب العلم إلى بخارى وإلى بغداد ، وجاور بمكة حقبة طويلة ، نشط فيها لتصنيف تفسيره للقرآن المسمى بالكشاف ودرس حينئذ كتاب سيبويه على أحد علماء الأندلس النابهين على نحو ما سنعرف فى حديثنا عن نحاة الأندلس ، وتكاثرت تصانيفه منذ هذا الحين. وعاد إلى موطنه ، وشهرته قد ملأت الآفاق ، والطلاب يفدون عليه من كل صوب وحدب يأخذون عنه معجبين مكبرين ، حتى اختاره الله لجواره فى سنة ٥٣٨ للهجرة. وهو يسلك فى المعتزلة وفى علماء التفسير الأفذاذ وأئمة اللغة والنحو ، ومعجمه «أساس البلاغة» مشهور. ومن مصنفاته الفائق فى غريب الحديث ، وصنّف فى اللغة والأدب والعروض والنحو مصنفات مختلفة ، ومن أشهر مصنفاته النحوية النموذج ، والمفصل وعنى بصنع حاشية له ، وشرحه ابن يعيش شرحا ضافيا على نحو ما قدمنا. وقد جعله فى أقسام أربعة ، قسم للأسماء تحدث فيه عن المرفوعات والمنصوبات والمجرورات والنسب والتصغير والمشتقات ، وقسم للأفعال وضروبها وأنواعها المختلفة ، وقسم للحروف وأصنافها من حروف عطف وغير حروف عطف ، وقسم للمشترك أراد به الإمالة والزيادة والوقف والإبدال والإعلال والإدغام.
__________________
(١) انظر فى ترجمة الزمخشرى الأنساب للسمعانى الورقة ٢٧٧ ومعجم الأدباء ١٩ / ١٢٦ ومعجم البلدان فى مادة زمخشر وإنباه الرواة ٣ / ٢٦٥ واللباب فى الأنساب ٢ / ٥٠٦ وابن خلكان ٢ / ٨١ وأزهار الرياض ٣ / ٢٨٢ وشذرات الذهب ٤ / ١١٨ ونزهة الألباء ص ٣٩١ وطبقات المفسرين للسيوطى ص ٤١ والبغية ص ٣٨٨.