من الأندلسيين وفى طائفة أخرى يستقل عنهم جميعا ، فمن ذلك استظهاره أن تكون «حتى» الناصبة للمضارع مرادفة أحيانا لإلا ، أخذا من قول سيبويه فى تفسير «والله لا أفعل إلا أن تفعل» المعنى حتى أن تفعل (١). ومن ذلك موافقته الكوفيين فى تثنية المركب المزجى مثل بعلبك وجمعه (٢). وكان يتفق مع الشلوبين فى أن «لو» الشرطية لا تدل على امتناع الشرط ولا امتناع الجواب ، إنما تدل على التعليق فى الماضى كما دلت «إن» على التعليق فى المستقبل (٣). وكان يذهب إلى أن لو التى للتمنى فى مثل «لو تأتينى فتحدثنى» ليست شرطية ، وإنما هى قسم برأسها ولا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط ، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب ليت (٤). وذهب إلى أن «حتى العاطفة» يتحتم أن يكون معطوفها ظاهرا لا مضمرا كما أن ذلك شرط مجرورها (٥). وكان يرى أن ما فى «لا سيما» زائدة لازمة لا تحذف ألبتة (٦). وحرى بنا الآن أن نخصّ نحويين كبيرين هما ابن مضاء وابن عصفور بكلمتين أكثر تفصيلا.
ابن (٧) مضاء
هو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مضاء اللّخمى القرطبى المتوفّى سنة ٥٩٢ للهجرة ، أخذ عن ابن الرمّاك كتاب سيبويه ، وكان حجة فى الفقه الظاهرى والحديث النبوى ، فولاه الموحدون قضاء فاس ، ثم ولوه قضاء الجماعة ، وكان طبيعيّا أن يحمل حملتهم على أصحاب المذاهب الفقهية : المالكية والحنفية والشافعية والحنبلية لما ملأوا به كتبهم من فروع ، بل لقد تحولوا بحملتهم إلى ما يشبه ثورة عنيفة. فإذا هم يأمرون بإحراق كثير من تلك الكتب وحمل الناس فى دولتهم بالمغرب والأندلس على المذهب الظاهرى الذى يرفض
__________________
(١) المغنى ص ١٣٤.
(٢) الهمع ١ / ٤٢.
(٣) المغنى ص ٢٨٣ والهمع ٢ / ٦٥.
(٤) المغنى ص ٢٩٥.
(٥) المغنى ص ١٣٥.
(٦) الهمع ١ / ٢٣٤.
(٧) انظر فى ترجمة ابن مضاء الديباج المذهب لابن فرحون ص ٤٧ والتكملة لابن الأبار رقم ٢٣٤ وبغية الملتمس للضبى ص ١٩٢ وروضات الجنات ص ٨٢ وبغية الوعاة ص ١٣٩.