أن عيونا فى مثل (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) تمييز لاحال كما ذهب الشلوبين (١) ، وفى أن «كأيّن» كما تأتى للتكثير فى مثل (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) تأتى للاستفهام كما جاء فى قول أبى بن كعب لعبد الله بن مسعود : «كأيّن تقرأ سورة الأحزاب آية؟ فقال : ثلاثا وسبعين» (٢).
ولابن مالك وراء هذه الاختيارات من مذاهب النحاة السابقين آراء كثيرة ينفرد بها ، من ذلك أنه كان يرى أن علامات الإعراب جزء من ماهية الكلمات المعربة ، بينما كان يرى الجمهور أنها زائدة عليها (٣) ، وكان يرى أن «ذان وتان واللذان واللتان» مثّناة حقيقة ، وأنها لذلك معربة لا مبنية (٤). وذهب إلى أن قراءة (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) إنما هى على لغة بلحارث بن كعب فى إجراء المثنى بالألف دائما (٥). وجوز تثنية اسم الجمع والجمع المكسر مستدلا بمثل (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ) ، (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)(٦) كما جوّز حذف عائد الموصول قياسا على حذفه فى الخبر ، وجعل منه (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) أى به (٧) ، وجوّز الإخبار عن اسم عين بظرف الزمان بشرط الفائدة مثل الليلة الهلال والبلح شهرين (٨). وكان يذهب إلى أن «أم» المنقطعة تعطف المفردات مثل «بل» مستدلا بقول بعض العرب : «إن هناك لإبلا أم شاء» (٩) ، وأن «حرّى» فى مثل «حرى أن يفعل» من أخوات كاد (١٠) ، وأن «أو» العاطفة تأتى للتقسيم مثل «الكلمة اسم أو فعل أو حرف» (١١) وأن «من» الداخلة على «عن» فى قولك «قعدت من عن يمينه» زائدة (١٢) ، وأن الفاء تدخل فى جواب لما مثل (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) وذهب الجمهور فى الآية إلى أن الجواب محذوف أى انقسموا قسمين فمنهم مقتصد (١٣). وكان يرى أن «إذ» قد تقع للاستقبال مستدلا بقوله جلّ
__________________
(١) الهمع ١ / ٢٥١.
(٢) المغنى ص ٢٠٣.
(٣) الهمع ١ / ١٥.
(٤) الهمع ١ / ٤٢.
(٥) المغنى ص ٣٧.
(٦) الهمع ١ / ٤٢.
(٧) الهمع ١ / ٩٠.
(٨) الهمع ١ / ٩٩.
(٩) المغنى ص ٤٦ والهمع ٢ / ١٣٣.
(١٠) الهمع ١ / ١٢٨.
(١١) المغنى ص ٦٨ ، ٣٩٦.
(١٢) المغنى ص ١٦٠.
(١٣) المغنى ص ١٨٠.