مع إمكانه» (١).
وكان يعاصره السيوطى ، وسنخصّه بكلمة أكثر تفصيلا ، وربما كان أنبه نحوىّ أخرجته مصر فى القرن العاشر الهجرى الأشمونى (٢) : نور الدين على بن محمد بن عيسى المتوفى سنة ٩٢٩ للهجرة ، أخذ عن الكافيجىّ وغيره من نحاة عصره فى القاهرة ، وكان عالما زاهدا متقشفا ، يكبّ على النحو وتدريسه للطلاب. ومن أهم مصنفاته النحوية شرحه على الألفية الذى سماه «منهج السالك إلى ألفية ابن مالك» وقد تمثل فيه الشروح الكثيرة التى سبقته تمثلا منقطع النظير كما تمثل كتابات النحاة المختلفين وتحوّل ذلك كله سيولا فى شرحه. وعادة يعرض الآراء المختلفة وما يسندها من علل ، وكثيرا ما يختار لنفسه الرأى الصحيح عنده مصرحا بذلك على نحو قوله فى الإعراب : «فى الاصطلاح فيه مذهبان أحدهما أنه لفظى واختاره الناظم ونسبه إلى المحققين وعرّفه فى التسهيل بقوله : ما جىء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف ، والثانى أنه معنوى والحركات دلائل عليه واختاره الأعلم وكثيرون ، وهو ظاهر مذهب سيبويه ، وعرّفوه بأنه تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظا أو تقديرا ، والمذهب الأول أقرب إلى الصواب لأن المذهب الثانى يقتضى أن التغيير الأول (وهو الانتقال من الوقف إلى الرفع) ليس إعرابا لأن العوامل لم تختلف بعد وليس كذلك» (٣). وواضح هنا استمداده تعريف الإعراب من التسهيل ، مصنّف ابن مالك المعروف وهو يكثر فى شرحه كله من الاستمداد منه : استمداد التعاريف وآراء النحاة وبراهينهم على تلك الآراء. وقد يناقش المصنف فى بعض ما ذكره فيه على نحو مناقشته له فى أن المضارع حين يتصل بنون الإناث يصبح مبنيّا بلا خلاف ، يقول : «وليس كما قال فقد ذهب قوم منهم ابن درستويه وابن طلحة والسهيلى إلى أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه من الشبه بالفعل
__________________
(١) انظر شرح التصريح ومعه حاشية الشيخ يس ١ / ١١١.
(٢) انظر فى ترجمة الأشمونى الضوء اللامع ٦ / ٥ وشذرات الذهب ٨ / ١٦٥.
(٣) شرح الأشمونى ومعه حاشية الصبان (طبع دار الكتب العربية الكبرى) ١ / ٤٣.