«لا فى الدار زيد والحجرة عمرو» على الرغم من أن مثل ذلك لم يأت عن العرب ، وكان يحتج لرأيه «بأن جزئيات الكلام إذا أفادت المعنى المقصود منها على وجه الاستقامة لا يحتاج إلى النقل والسماع وإلا لزم توقف تراكيب العلماء فى تصانيفهم عليه» (١).
ولمع حينئذ اسم الشيخ خالد (٢) الأزهرى المتوفى سنة ٩٠٥ للهجرة ، ولد بجرجا ونشأ بالقاهرة وأكبّ على علوم اللغة والنحو ، ولازم الشمنّى وغيره ، وأقرأ الطلاب فى الأزهر فنسب إليه ، ومن مصنفاته النحوية «المقدمة الأزهرية فى علم العربية» وشرح عليها وهما مطبوعان ، وشرح على كتاب ابن هشام «الإعراب عن قواعد الإعراب» وشرح على الآجرومية وشرح على الألفية وأهم شروحه «شرح التصريح على التوضيح» لابن مالك وهو مطبوع بمصر فى مجلدين مرارا. ويقول فى مقدمته إنه مزج كلامه فى شرحه بكلام ابن هشام وإنه ذكر أوجه الخلاف فى المسائل النحوية وعللها وما يطوى فيها من أدلة ، وإنه أوضح ما شاب كلام ابن هشام أحيانا من تناقض وما خالف فيه ابن مالك مع النصّ دائما على ما انفرد به ، وقد صوّرنا ذلك فى حديثنا عن ابن هشام مثبتين كثيرا من المواضع التى نصّ فيها صاحب التصريح على آرائه. وهو عادة يفيض فى بيان الخلاف وما يسنده من علل ، كما أشرنا ، ويكفى أن نمثل لذلك بمثال واحد هو تخفيف النون فى قراءة نافع : (تأمرونى وتحاجونى) يقول : «الصحيح عند سيبويه أن المحذوف نون الرفع واختاره ابن مالك ، لأن نون الرفع عهد حذفها للجازم والناصب ولتوالى الأمثال فى نحو (لتبلون) ولأن نون الرفع نائبة عن الضمة والضمة تحذف تخفيفا كما فى قراءة أبى عمرو نحو (يأمركم) .. وقيل المحذوف نون الوقاية لا نون الرفع وجزم ابن هشام به فى الشذور ، وهو مذهب الأخفش والمبرد وأبى على وابن جنى وأكثر المتأخرين واستدلوا له بأوجه ، أحدها أن نون الوقاية حصل بها التكرار والاستثقال فكانت أولى بالحذف ، وثانيها أن نون الرفع علامة الإعراب فالمحافظة عليها أولى ، وثالثها أن نون الرفع لعامل ، فلو حذفت لزم وجود مؤثر بلا أثر
__________________
(١) الهمع ٢ / ١٣٩.
(٢) انظر فى ترجمة الشيخ خالد الكواكب السائرة ١ / ١٨٨ والخطط الجديدة لعلى مبارك ١٠ / ٥٣ وشذرات الذهب ٨ / ٢٦ والضوء اللامع ج ٣ رقم ٦٦١.