بنائها موافقتها لجير الحرفية ، ونقض عليه الشمنى كلامه قائلا إن ما إنما بنيت لمشابهتها الحرف فى الوضع بخلاف جير وأن من يقولون باسميتها لا يثبتون جير الحرفية. وعرض ابن هشام فى باب «ما» إلى أنها تكون مصدرية زمانية وأنها تدل على الزمان بالنيابة لا بذاتها مثل (ما دُمْتُ حَيًّا) أصله فى تقريره مدة دوامى حيّا ، واعترضه الدمامينى وقال إن «ما» لا تدل على الزمان أصلا لا بطريق الأصالة ولا بطريق النيابة وإنما يفهم الزمان فى مثل الآية بقرينة. وكان يذهب إلى أن الإضافة فى «يومئذ» ليست من إضافة أحد المترادفين للاخر ، وإنما هى من إضافة الأعم للأخص مثل «شجر عنب» (١) ومن غريب ما كان يذهب إليه أن جملة الصلة لها محل من الإعراب (٢).
ومن نحاة النصف الثانى من القرن التاسع الهجرى الكافيجى (٣) محمد بن سليمان الرومى المتوفى سنة ٨٧٩ للهجرة ، ولد فى بلاد الروم ، ثمّ دخل الشام وبيت المقدس واستقر فى القاهرة ودرس فى الشيخونية وغيرها ، وكان لا يشق غباره فى الفلسفة والمنطق والنحو ، وأكثر تآليفه مختصرات وأجلها وأنفعها شرحه على قواعد الإعراب لابن هشام. ومما أحصى له السيوطى تلميذه من آراء أنه كان لا يسوّغ الإخبار بجملة ندائية مثل زيد يا أخاه ولا مصدّرة بلكن أو بل أو حتى (٤). وكان يرى أن «إذن» فى قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) ليست إذن المعهودة وإنما هى إذا الشرطية حذفت جملتها التى تضاف إليها وعوض عنها التنوين كما فى «يومئذ» (٥). وكان يجوّز خلافا لسيبويه العطف على معمولى عاملين مختلفين مطلقا مثل «كان آكلا طعاما زيد وتمرا عمرو» ومثل
__________________
(١) شرح التصريح على التوضيح للشيخ خالد الأزهرى ومعه حاشية الشيخ يس (طبع المطبعة الأزهرية سنة ١٣٢٥ ه.) ١ / ٣٥.
(٢) انظر حاشية الشيخ يس على شرح التصريح ١ / ١٤٢ ومن ملاحظاته الدقيقة أن كلا من الألف والتاء فى جمع المؤنث السالم جاء للتأنيث والجماعة ، أما الألف ففى مثل حبلى ورجال وأما التاء ففى مثل فاطمة ومثل كمأة جمع كمء ، انظر حاشية الشيخ يس على شرح التصريح ١ / ٧٩.
(٣) راجع فى ترجمة الكافيجى الضوء اللامع ج ٧ رقم ٦٥٥ وشذرات الذهب ٧ / ٣٢٦ وبغية الوعاة للسيوطى ص ٤٨.
(٤) الهمع ١ / ٩٦.
(٥) الهمع ١ / ٢٠٥.