ذلك تلميذه ، فقال إنها حينئذ تكون بمعنى لعلها ، إذ يستعمل بعض العرب ، أن المفتوحة بمعنى لعل ، فيقولون : «ائت السوق أنك تشترى لنا شيئا» أى لعلك (١).
وكان كلما اصطدم مثال أو تعبير بقاعدة نحوية استظهرها حاول أن يجد له تأويلا ، ولعل خير ما يصور ذلك «لحال» فقد وضع له قاعدة التنكير المعروفة ، فلا بد أن يكون نكرة ، ولا يصح أن يكون معرّفا بالألف واللام ولا مضافا ، فلا يقال كلمته المستبشر تريد كلمته مستبشرا ، ولا يقال كلمتهم مستبشريهم تريد كلمتهم مستبشرين. ولكن جاءت عبارات على لسان العرب معرفة ومضافة وموضعها حال ، من ذلك «أرسلها العراك» أى معتركة ، و «مررت بهم الجمّاء الغفير» أى جمّا غفيرا. وخرّج ذلك الخليل على أن العرب تكلمت بهذين الحرفين وما يماثلهما على نية طرح الألف واللام ، وكأنهم قالوا فى المثل الأخير : «مررت بهم قاطبة ومررت بهم طرّا» أى جميعا. ومن ذلك : «مررت به وحده ومررت بهم وحدهم» وما جاء فى لغة أهل الحجاز من قولهم : «مررت بهم ثلاثتهم وأربعتهم وكذلك إلى العشرة» و «مررت بهم قضّهم بقضيضهم». وخرّج الخليل المثلين الأولين على معنى التفرد ، فكأن القائل قال : «مررت به أو بهم منفردا ومنفردين» أما المثال الثالث فكأنه قال : «مررت بهم انقضاضا». وشبّه مجىء الحال على هذا النحو بمجىء المصدر أو المفعول المطلق مضافا فى مثل سبحان الله ولبّيك (٢). وكان يستظهر القاعدة المعروفة فى النّعت وهو أنه يتبع المنعوت فى التعريف والتنكير حتما ، ولكن جاء عن العرب «ما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل ذلك» و «ما يحسن برجل مثلك أن يفعل ذلك» و «مررت برجل غيرك خير منك» وخرّج الخليل المثال الأول على أن كلمة الرجل وإن كانت معرفة فى الظاهر فإنها نكرة فى الحقيقة ، إذ أريد بالرجل إلى الجنس ، وكأن الألف واللام فيه ملغاتان ، ولذلك نعت بالنكرة ، أما المثالان الثانى والثالث فقد خرّجهما على أن لفظتى مثلك وغيرك ، وإن كانتا مضافتين ، نكرتان فى واقع الأمر ، إذ لا تفيدهما الإضافة تعريفا (٣).
__________________
(١) الكتاب ١ / ٤٦٢.
(٢) الكتاب ١ / ١٨٧ وما بعدها.
(٣) الكتاب ١ / ٢٢٤.