وإن أتاه خليل يوم مسألة |
|
يقول لا غائب مالى ولا حرم |
فقد توقف عملها فى الجواب ، لأن فعل الشرط ماض (١). والمثل الثانى منع العلم من الصرف إذا كان على وزن فعلان مثلثة الفاء والنون فيه زائدة مثل عثمان وغطفان ، يقول سيبويه : «وسألته عن رجل يسمى دهقان فقال إن سميته من التدهقن فهو مصروف .. وإن جعلته من الدّهق لم تصرفه .. وسألته عن رجل يسمى مرّانا فقال أصرفه لأن المران إنما سمّى للينه فهو فعّال كما يسمى الحمّاض لحموضته وإنما المرانة اللين. وسألته عن رجل يسمى فينانا فقال مصروف لأنه فيعال ، وإنما يريد أن يقول لشعره فنون كأفنان الشجر. وسألته عن ديوان فقال بمنزلة قيراط لأنه من دوّنت. وسألته عن رمّان فقال لا أصرفه وأحمله على الأكثر إذ لم يكن له معنى يعرف. وسألته عن سعدان والمرجان فقال لا أشك فى أن هذه النون زائدة لأنه ليس فى الكلام مثل فعلان إلا مضعفا (٢)». وواضح أنه يعتمد فى أحكامه على محفوظاته فى اللغة ، وهى محفوظات كانت تعينه على معرفته الدقيقة بأصول الألفاظ واشتقاقاتها واستقرائه لمثيلاتها ، وكأن اللغة أسلمت له قيادها كى يحكم آراءه ويضبط ما يشاء من قواعد الصرف والنحو جميعا.
وكان يسند دائما ما يستنبطه من القواعد والأحكام بالعلل التى تصور دقته فى فقه الأسرار اللغوية والتركيبية التى استقرت فى دخائل العرب من قديم ، وفى ذلك يقول الزبيدى إنه «استنبط من علل النحو ما لم يستنبطه أحد وما لم يسبقه إلى مثله سابق» ولفت كثرة ما يورده فى النحو من علل بعض معاصريه فسأله أعن العرب أخذت هذه العلل أم اخترعتها من نفسك؟ فقال : «إن العرب نطقت على سجيّتها وطباعها وعرفت مواقع كلامها وقام فى عقولها علله وإن لم ينقل ذلك عنها ، واعتللت أنا بما عندى أنه علة لما عللته منه فإن أكن أصبت العلة فهو الذى التمست ، وإن تكن هناك علة له (أخرى) فمثلى فى ذلك مثل رجل
__________________
(١) الكتاب ١ / ٤٣٦.
(٢) الكتاب ٢ / ١١.