نجده يعلل لعدم جزم الأسماء ، يقول : «وليس فى الأسماء جزم لتمكنها وللحاق التنوين ، فإذا ذهب التنوين لم يجمعوا على الاسم ذهابه وذهاب الحركة» (١). وواضح أنه لا يعلل لواقع الاسم فحسب ، بل يعلل أيضا لما لا يجرى فى واقعه ، مما جرى فى الأفعال من بعض وجوه الإعراب. وبذلك وسّع التعليل فشمل ما هو واقع وما لم يقع ، فى الأسماء وفى الأفعال جميعا ، إذ لا يلبث أن يقف عند إعراب المضارع ، وأنه يرفع ، وينصب مع أدوات النصب ، ويجزم مع أدوات الجزم ، ويلاحظ أنه لا يجرّ ، ويحاول التعليل لذلك فيقول : «وليس فى الأفعال المضارعة جر ، كما أنه ليس فى الأسماء جزم ، لأن المجرور داخل فى المضاف إليه معاقب للتنوين ، وليس ذلك فى هذه الأفعال» (٢). ونراه يعلل لإعراب المضارع وتسميته باسمه بأنه يضارع أو يشابه اسم الفاعل فى معناه ووقوعه موقعه فإنك تقول إن عبد الله ليفعل كما تقول إن عبد الله لفاعل فيما تريد من المعنى. وأيضا فإنك تلحق به لام الابتداء ، كما ألحقتها باسم الفاعل فى نفس العبارتين المذكورتين ، وهى لا تدخل إلا على الأسماء ويمتنع دخولها على الأفعال الماضية. وبهذا كله استحق المضارع أن يعرب وأن يدخل على آخره الرفع والنصب والجزم (٣). ونحس كأنه يستشعر أنه كان الواجب أن يكون آخر الماضى ساكنا ، وكأن الأصل فى الأفعال أن تكون ساكنة الآخر ، ولا يلبث أن يعلل لفتح آخره بأن فيه بعض المضارعة ، ولذلك كان يقع موقع اسم الفاعل والمضارع جميعا ، إذ تقول «هذا رجل ضرب محمدا» كما تقول هذا رجل ضارب محمدا ، وتقول إن فعل فعلت كما تقول إن يفعل أفعل. ولذلك فارق الماضى السكون إلى الفتح ، ولم يعرب إعرابا كاملا مثل المضارع لأن مضارعته ناقصة ، إذ لا تدخل عليه لام الابتداء (٤). ومعنى ذلك أن الأفعال ثلاثة أقسام قسم منها ضارع الاسم مضارعة تامة ، فأعرب ، وهو الفعل المضارع ، وقسم ضارعها أو شابهها مشابهة ناقصة ، فبنى على الفتح وهو الماضى ، وقسم ثالث بقى على أصله من السكون وهو فعل الأمر. ويلاحظ أن النون فى الأسماء المثناة والمجموعة ليست علم الإعراب،
__________________
(١) الكتاب ١ / ٣.
(٢) الكتاب ١ / ٣.
(٣) الكتاب ١ / ٣ وانظر فى تعليله لرفعه ١ / ٤٠٩.
(٤) الكتاب ١ / ٣.