بل علمه حروف اللين قبلها وهى الألف والياء فى المثنى والواو والياء فى جمع المذكر السالم ، أما النون فحرف يقابله تنوين الاسم المفرد ، ولذلك كانت تحذف مثله فى حالة الإضافة. ويقارن بين هذه النون وبين أختها فى الأفعال الخمسة : يفعلان وتفعلان ، ويفعلون وتفعلون ، وتفعلين ، ويقول إن نون هذه الأفعال علم الرفع ، أما حروف اللين قبلها فضمائر وليست علما للأعراب كما هو الشأن فى الأسماء المثناة والمجموعة ، ويشرح ذلك شرحا معلّلا وافيا قائلا (١) :
«واعلم أن التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة علامة للفاعلين لحقها ألف ونون ولم تكن الألف حرف الإعراب ، لأنك لم ترد أن تثنى يفعل : هذا البناء ، فتضمّ إليه يفعلا آخر ، ولكنك إنما ألحقته هذا علامة للفاعلين. ولم تكن (يفعل) منوّنة ولا تلزمها الحركة لأنه يدركها الجزم والسكون ، فيكون الأول حرف الأعراب والآخر كالتنوين. فلما كان حال يفعل فى الواحد غير حال الاسم ، وفى التثنية لم يكن بمنزلته. فجعلوا إعرابه فى الرفع ثبات النون لتكون له فى التثنية علامة الرفع كما كان فى الواحد إذ مع حرف الإعراب (يريد الضم). وجعلوا النون مكسورة كحالها فى الاسم ، ولم يجعلوها حرف إعراب (أى حرفا يظهر عليه الإعراب) إذ كانت متحركة لا تثبت فى الجزم. ولم يكونوا ليحذفوا الألف لأنها علامة الإضمار والتثنية فى قول من قال أكلونى البراغيث وبمنزلة التاء فى قلت وقالت ، فأثبتوها فى الرفع ، وحذفوها فى الجزم ، كما حذفوا الحركة فى الواحد. ووافق النصب الجزم فى الحذف ، كما وافق النصب الجرّ فى الأسماء ، لأن الجزم فى الأفعال نظير الجر فى الأسماء ، وليس للأسماء فى الجزم نصيب ، كما أنه ليس للفعل فى الجر نصيب ، وذلك قولك : هما يفعلان ، ولن يفعلا ولم يفعلا. وكذلك إذ الحقت الأفعال علامة للجمع لحقتها زائدتان ، إلا أن الأولى واو مضموم ما قبلها لئلا يكون الجمع كالتثنية ، ونونها مفتوحة بمنزلتها فى الأسماء ، كما فعلت ذلك فى التثنية ، لأنهما وقعتا فى التثنية والجمع ههنا كما أنهما فى الأسماء كذلك ، وهو قولك هم يفعلون ولم يفعلوا ولن يفعلوا. وكذلك إذا ألحقت التأنيث فى المخاطبة إلا أن الأولى ياء وتفتح النون لأن الزيادة
__________________
(١) الكتاب ١ / ٥.