فالمراد من الأيام المعدودات في رأي أكثر المحققين (ابن عباس والحسين وأبي مسلم) : شهر رمضان.
وليس الصوم واجبا إلا على المستطيع الصحيح المقيم ، أما المسافر والمريض مرضا شديدا يشق معه الصوم ، فيباح لهما الإفطار ، وعليهما القضاء في أيام أخر من العام ، لأن المرض والسفر الطويل وهو الذي يباح فيه قصر الصلاة (وهو ٨٩ كم) مشقة ، والمشقة تجلب التيسير ، كما قال الله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ، وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة ٢ / ١٨٥].
والمعتبر : السفر بسير الدواب المعتادة في الماضي ، لا بوسائط النقل والمواصلات السريعة اليوم ، وقدره بعضهم بثلاثة أميال عملا بما روى أحمد ومسلم وأبو داود عن أنس قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ (١) ، صلى ركعتين» ـ يريد أنه يقصر الصلاة ، فالعبرة بقطع مثل هذه المسافة ، لا بالزمن الذي تقطع فيه. وقدر الحنفية المسافة بثلاثة أيام ، وقدرها الجمهور بيومين معتدلين ، وهي ذهابا ستة عشر فرسخا أو ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ، وهي تساوي حوالي ٨٩ كم ، عملا بما رواه الشافعي عن ابن عباس رضياللهعنهما ، قال : «يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان» والبريد : أربعة فراسخ.
وأكثر الأئمة (مالك وأبي حنيفة والشافعي) على أن الصوم للمسافر أفضل إن لم يشق عليه. ويرى أحمد والأوزاعي أن الفطر أفضل عملا بالرخصة. ويشترط لجواز إفطار المسافر عند بدء السفر : أن يكون السفر في رأي الجمهور (غير الحنابلة) قبل الفجر ، فلو أصبح المقيم صائما ، فسافر ، فلا يفطر ، تغليبا لجانب
__________________
(١) الميل : ١٨٤٨ م ، والفرسخ : ٣ أميال أو ٥٥٤٤ م.