الحضر ، لأنه الأصل. ولم يشترط الحنابلة هذا الشرط ، لكن الأفضل الصيام ، خروجا من الخلاف.
والذي يتحمل الصوم بمشقة شديدة كالشيخ الهرم والمريض مرضا مزمنا ، والحامل والمرضع إن خافتا على أولادهما فقط ، عليه عند الشافعي وأحمد القضاء والفدية : وهي طعام مسكين. فإن خافتا على أنفسهما ولو مع أولادهما ، فعليهما القضاء فقط.
فمن تطوع وزاد في الفدية عن طعام مسكين لليوم الواحد ، فهو خير له وأكثر ثوابا. والتطوع : بأن يطعم أكثر من مسكين في اليوم ، أو يطعم أكثر من القدر الواجب ، أو يصوم مع الفدية.
وصوم هؤلاء المعذورين خير لهم إن كانوا يعلمون وجه الخيرية فيه وكونه لمصلحة المكلفين ، إذا لم يتضرروا ، لما روي أن أبا أمامة قال للنّبي صلىاللهعليهوسلم : مرني بأمر آخذه عنك ، قال : «عليك بالصوم ، فإنه لا مثل له».
ثم بيّن الحق تعالى أن هذه الأيام القليلة هي شهر رمضان المبارك الذي بدئ فيه بإنزال القرآن واستمر نزوله منجّما (مقسطا) في ثلاث وعشرين سنة ، الذي هو هداية للناس إلى الصراط المستقيم ، مع وضوح آياته دون غموض ، وكونها فارقة بين الحق والباطل. وفسّر بعضهم نزول القرآن في شهر رمضان : بنزوله ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، وليلة القدر في رمضان هي خير من ألف شهر.
والحكمة في إيراد (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) بعد قوله (هُدىً لِلنَّاسِ) : هي الدلالة على أن الهدى نوعان : هدى بيّن واضح تفهمه العقول العادية لأول وهلة ، وهدى لا يدركه إلا خواص الناس ، والأول أكثر فائدة.
فمن شهد أو حضر منكم الشهر ، وهو سليم معافى ، لا عذر له من سفر أو