وهذه الآية دليل قاطع على فائدة الدعاء ، ومعناها كما بينا : إذا سألوك عن المعبود ، فأخبرهم أنه قريب ، يثيب على الطاعة ، ويجيب الداعي ، ويعلم ما يفعله العبد من صوم وصلاة وغير ذلك. والمراد بقوله : (فَإِنِّي قَرِيبٌ) أي بالإجابة ، وقيل : بالعلم.
(أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) أي أقبل عبادة من عبدني ، ومنها الدعاء ، والدعاء بمعنى العبادة ، والإجابة بمعنى القبول. بدليل الأحاديث السابقة. وكان خالد الرّبعي يقول : «عجبت لهذه الأمة في (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة ، وليس بينهما شرط.
لكن إجابة الدعاء مقيدة بقيود بالنسبة للعبد ، منها :
عدم الاعتداء بتجاوز حدود الله ، فكل مصرّ على كبيرة عالما بها أو جاهلا ، فهو معتد ، وقد أخبر تعالى أنه لا يحب المعتدين ، فقال : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف ٧ / ٥٥] وقال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أبو سعيد الخدري : «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجّل له دعوته ، وإما أن يدّخر له ، وإما أن يكف عنه من السوء بمثلها».
وفي رواية مسلم عن أبي هريرة : «لا يزال يستجاب للعبد ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، ما لم يستعجل ، قيل : يا رسول الله ، ما الاستعجال؟ قال : يقول : قد دعوت وقد دعوت ، فلم أر يستجيب لي ، فيستحسر (١) عند ذلك ، ويدع الدعاء».
ومنها أكل الحرام وما في معناه ، لقوله صلىاللهعليهوسلم في الصحيح : «الرجل يطيل
__________________
(١) أي ينقطع عن الدعاء ويملّه.