وهو وحده ، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه ، لأنه عرّض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين.
فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه ، فلا يبعد جوازه ، ولأن فيه منفعة للمسلمين على بعض الوجوه.
وإن كان قصده إرهاب العدو ، ليعلم صلابة المسلمين في الدّين ، فلا يبعد جوازه.
وإذا كان فيه نفع للمسلمين ، فتلفت نفسه لإعزاز دين الله ، وتوهين الكفر ، فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة ٩ / ١١١] الآية ، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح الله بها من بذل نفسه.
وعليه ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : أنه متى رجا نفعا في الدّين ، فبذل نفسه فيه ، حتى قتل ، كان في أعلى درجات الشهداء ، قال الله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ ، إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان ٣١ / ١٧].
وروى ابن عباس عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أفضل الشهداء : حمزة بن عبد المطلب ، ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر ، فقتله».