«المعلومات» هي العشرة الأوائل من ذي الحجة ، آخرها النّحر ، وأما «المعدودات» فهي ثلاثة بعد يوم النّحر ، وهي أيام التشريق. وقد أكّد القفال هذا بما رواه في تفسيره أنّ النّبيصلىاللهعليهوسلم أمر مناديا فنادى : «الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع ـ مزدلفة ـ قبل طلوع الفجر ، فقد أدرك الحج ، وأيام منى ثلاثة أيام ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه» ، وروى أصحاب السّنن عن عبد الرحمن بن يعمر قال : إن ناسا من أهل نجد أتوا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وهو واقف بعرفة ، فسألوه ، فأمر مناديا ينادي : «الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع(١) ـ مزدلفة ـ قبل طلوع الفجر فقد أدرك ، أيام منى ثلاثة أيام ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه». ومذهب مالك أن أيام الرّمي معدودات وأيام النّحر معلومات ، فيوم النّحر معلوم غير معدود ، واليومان بعده معلومان معدودان ، واليوم الرابع معدود لا معلوم.
ومعنى آية (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ..) : أنّ من تعجل في الإتيان بالمطلوب في الأيام الثلاثة ، بأن جعله في يومين ، فلا إثم عليه ، ومن تأخر ، بأن لم يأخذ برخصة التعجيل ، فلا إثم عليه ، فالأفضل البقاء في منى والمبيت بها ثلاثة أيام وليال ، لرمي الجمار (٢) الثلاث في كلّ يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة ، عند كل جمرة سبع حصيات ، تأسّيا بفعل إبراهيم عليهالسلام ، وتمتاز جمرة العقبة بأنها ترمى وحدها يوم النحر أيضا. ويجوز الترخص والمبيت بمنى ليلتين الليلة الأولى والثانية من أيام التشريق ، ثم النّفر إلى مكة. ومن لم ينفر حتى غربت شمس اليوم الثاني ، فعليه أن يبيت حتى يرمي اليوم الثالث قبل الزوال أو بعده ، ثم ينفر ، ولا إثم عليه بترك الترخص.
هذا التخفيف والتخيير في التعجيل والتأخير ، ونفي الإثم عن المستعجل
__________________
(١) سميت جمعا : لأنه اجتمع بها حواء وآدم عليهماالسلام.
(٢) الجمار : جمع جمرة : وهي مجتمع الحصى.