سبب النزول :
قال ابن عباس : كان إيلاء أهل الجاهلية السّنة والسّنتين وأكثر من ذلك ، فوقّت الله أربعة أشهر ، فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء. وقال سعيد بن المسيب : كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية ، كان الرجل لا يريد المرأة ولا يحبّ أن يتزوجها غيره ، فيحلف أن لا يقربها أبدا ، وكان يتركها كذلك ، لا أيّما ولا ذات بعل ، فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر ، وأنزل الله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) الآية (١).
وذكر مسلم في صحيحة أن النّبي صلىاللهعليهوسلم آلى وطلّق ، وسبب إيلائه سؤال نسائه إياه من النفقة ما ليس عنده.
وذكر ابن ماجه سببا آخر : وهو أن زينب ردّت عليه هديته ، فغضب صلىاللهعليهوسلم ، فآلى منهن.
ومناسبة الآية لما قبلها ظاهرة ، لأنه تقدم شيء من أحكام النساء وشيء من أحكام الأيمان ، وهذه الآية جمعت بين الشيئين.
التفسير والبيان :
حدد الله تعالى مدة قصوى للذين يحلفون ألا يقربوا نساءهم ، وهي أربعة أشهر ، إشارة إلى أن الإيلاء لمدة طويلة مما لا يرضي الله تعالى ، لما فيه من قطيعة واستمرار نزاع ، ومنعا من إلحاق الضرر بالمرأة وامتهانها وإهدار حقوقها.
فإن رجعوا بالفعل لا بالقول (٢) إلى ما حلفوا على الامتناع منه وكانوا عليه ، فإن الله يغفر لهم ما كان من الحنث في أيمانهم ، لأن الفيئة توبة في حقهم ، رحيم
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ١٨٠
(٢) إن الفيء بالفعل عند الجمهور غير الحنفية هو الذي يسقط اليمين ، والفيء بالقول لا يسقطها