المشروع مرتان ، فما جاء على غير هذا فليس بمشروع ، أي ليس مشروعا كون الطلاق كله دفعة واحدة.
ورأى مالك أن معناه : الطلاق الذي فيه الرجعة مرتان ، فتكون الآية مرتبطة بما قبلها ، فالله لما ذكر أن بعولتهن أحق بردهن ، أراد أن يبين الطلاق الذي فيه الرجعة.
وذهب أبو حنيفة إلى أن معناه : الطلاق الجائز مرتان.
وأما حديث ابن عباس الذي رواه أحمد ومسلم من طريق طاوس فهو كما قال : «كان الطلاق على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر : طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم».
أما أئمة المذاهب الأربعة فأوّلوا الحديث على صورة تكرير لفظ الطلاق ثلاث مرات ، بأن يقول الرجل : «أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق» فيلزمه واحدة إذا قصد التوكيد ، وثلاث إذا قصد تكرير الإيقاع ، وكان مسلمو الصدر الأول يصدقون في إرادة التوكيد ، لورعهم وتقواهم ، ثم تبدل الحال ، فصار الغالب عليهم قصد الثلاث ، بدليل قول عمر : «إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة» وهذا الحكم إنما هو في القضاء ، أما في الديانة فيعمل كل واحد بنيته.
وأما الإمامية وموافقوهم فقالوا : يجب العود إلى سنة النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وترك اجتهاد عمر ، لأن إمضاء الثلاث إبطال للرخصة الشرعية والرفق المشار إليه بقوله تعالى : (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) [الطلاق ٦٥ / ١].
وبالرغم مما أراه وهو رجحان مذهب الجمهور ، لا أجد مانعا من الأخذ برأي ابن تيمية ومن وافقه ، لأن الطلاق هدم للأسرة ، وتعريض لضياع الأولاد ، وهو