والمعتمد لدى الحنابلة التفصيل : وهو أن الخلع طلاق بائن ، إن وقع بلفظ الخلع والمفاداة ونحوهما ، أو بكنايات الطلاق ، ونوى به الطلاق ، لأنه كناية نوى بها الطلاق ، فكانت طلاقا.
وهو فسخ لا ينقص به عدد الطلاق إذا لم ينو طلاقا ، بأن يقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ، ولا ينوي به طلاقا ، فيكون فسخا لا ينقص به عدد الطلاق.
وذهب ابن عباس وطاوس وعكرمة وإسحاق وأحمد : إلى أن الخلع فسخ لا طلاق ، لأن الله قال : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ثم ذكر الخلع ، ثم قال : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) فلو كان طلاقا لكان ذلك يدل على أن للرجل أربع تطليقات. ورد عليهم بأن الله قال : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ثم بين أنه لا يجوز أخذ مال على الطلاق ، إلا في الحال التي ذكرها الله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما ..) سواء أكان ذلك عند الطلقة الأولى أم الثانية أم الثالثة ، ثم بين الطلقة الثالثة بقوله: (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ).
واستدلوا أيضا بما روى أبو داود في سننه عن ابن عباس «أن امرأة ثابت بن قيس لما اختلعت منه ، جعل النّبي صلىاللهعليهوسلم عدتها حيضة». ولو كان طلاقا لكانت عدتها ثلاثة قروء كما قال الله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة ٢ / ٢٢٨].
وإذا وقع الخلع على غير عوض ، كان طلاقا بائنا في رواية عن مالك. ووقع خلعا بعوض في الرواية الأخرى عنه ، وفي رأي الحنفية والشافعية والحنابلة ، لأن البدل في ذاته كالمهر لازم في الخلع على كل حال ، بل إنه عند الحنابلة ركن ، فإن خالعها بغير عوض ، صح الخلع ولزم العوض عند الحنفية والشافعية ، ولم يقع خلع ولا طلاق إلا إذا كان بلفظ طلاق ، فيكون طلاقا رجعيا.