(صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) التضوين في الكلمة الأولى والأخيرة للتفخيم ، وقوله : (مِنْ رَبِّهِمْ) لإظهار مزيد العناية بهم.
(هُمُ الْمُهْتَدُونَ) فيه قصر الصفة على الموصوف ، أي لا مهتدي غيرهم.
المفردات اللغوية :
(بِالصَّبْرِ) الصبر : توطين النفس على احتمال المكاره ، أي استعينوا على الآخرة بالصبر على الطاعة والبلاء. (وَالصَّلاةِ) خصّها بالذكر لتكررها وعظمها ، والصلاة في اللغة : الدعاء ، وهي من الملائكة : الاستغفار ، ومن الله : الرحمة. (مَعَ الصَّابِرِينَ) أي معهم بالعون. (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) لنمتحننّكم ، من الابتلاء : وهو الاختبار والامتحان ليعلم ما يكون من حال المختبر ، والمراد : نصيبنكم إصابة من يختبر أحوالكم ، بالخوف من العدو : ضد الأمن ، (وَالْجُوعِ) : القحط ، (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) : بالهلاك (وَالْأَنْفُسِ) بالقتل والموت والأمراض (وَالثَّمَراتِ) بالجوائح ، أي لنختبرنكم ، فننظر أتصبرون أم لا (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) على البلاء بالجنة. والمصيبة : كل ما يؤذي الإنسان في نفس أو مال أو أهل. ونقص الثمرات : قلتها.
(صَلَواتٌ) مغفرة ، والصلاة من الله : التعظيم وإعلاء المنزلة. (وَرَحْمَةٌ) نعمة ، والرحمة : اللطف بما يكون لهم من حسن العزاء والرضا بالقضاء.
سبب نزول الآية (١٥٤):
نزلت في قتلى بدر ، وكانوا بضعة عشر رجلا ، ثمانية من الأنصار ، وستة من المهاجرين ، والسبب أن الناس كانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله : مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها ، فأنزل الله هذه الآية. قال ابن عباس : قتل عمير بن الحمام ببدر ، وفيه وفي غيره نزلت : (وَلا تَقُولُوا ...) الآية.
التفسير والبيان :
كان تحويل القبلة فتنة للناس ، لاختبارهم وتمييز المؤمن الحق من المنافق الكاذب ، فهو نعمة وليس نقمة ، ولكن السفهاء وأهل الكتاب استغلوا هذا الحادث العظيم ، وقاموا بحملة من الافتراءات والوشايات لزرع الحقد والبغضاء في النفوس ضدّ المؤمنين ، وقد علم الله أن ذلك يستتبع جهودا مكثفة منهم لتأليب