الناس على المؤمنين ، وسيؤدي هذا إلى القتال حتما ، ثم حدث القتال فعلا في سلسلة من المعارك الضارية.
فأبان سبحانه في هذه الآيات أن النعمة قد تقترن بالبلاء وألوان المصائب ، ولكن لا دواء لتحمل المصيبة ومقاومة الأعداء من المشركين وأهل الكتاب إلا بالاستعانة بالصبر والصلاة ، إذ في الصبر تقوية الإرادة وتحمل المشقة والثبات على المصاعب ، وأن الله مع الصابرين ، أي بالعون والنصرة والرعاية والتأييد ، فلما فرغ سبحانه من بيان الأمر بالشكر ، شرع في بيان الصبر ، والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة ، فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكرها ، أو في نقمة فيصبر عليها.
وأما الاستعانة بالصلاة فلأنها أم العبادات ، وهي طريق الصلة بالله ومناجاته واستشعار هيبة الله وجلاله ، وهي مفزع الخائفين ، وسبيل تفريج كرب المكروبين ، واطمئنان نفوس المؤمنين ، قال صلىاللهعليهوسلم : «جعلت قرة عيني في الصلاة».
وإذا استعان المؤمن بالصبر والصلاة التي تملأ القلب خشية وخشوعا لله ، وتبعد النفس عن الفواحش والمنكرات ، هانت عليه المصاعب ، وتحمّل كل شدة ومشقة ، وقاوم كل عناء وكرب.
لذا أمر الله بهما فقال : استعينوا على نصر دينكم وشعائركم ، وعلى كل ما تلاقونه من مكاره ومصائب ، بالصبر الذي يتغلب به على كلّ مكروه ، وبالصلاة التي تعزز الثقة بالله تعالى وتهوّن الخطوب. وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ، وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) [البقرة ٢ / ٤٥].
وإنما خصّ الصبر لأنه أشدّ شيء باطني على النفس ، وخصّت الصلاة ، لأنها