أشدّ عمل ظاهري على الإنسان ، إذ فيها انقطاع عن الدنيا ، واتجاه إلى الله ، وقد روي أنهصلىاللهعليهوسلم كان إذا حزبه أمر ـ اشتد عليه ـ فزع إلى الصلاة ، وتلا هذه الآية.
إن الله ناصر الصابرين ومجيب دعائهم ومفرج كروبهم ، والواقع أن الأعمال الفردية والأعمال الجماعية العظيمة لا تحقق ثمارها إلا بالثبات والكفاح الدائم ، وعدة ذلك كله الصبر.
ولا تقولوا عن شهداء الكفاح والجهاد الخالص : إنهم أموات ، بل هم أحياء في قبورهم حياة ذات طراز خاص ومعالم خاصة ، ويرزقون رزقا على كيفية ، الله أعلم بها ، ولكنّا لا نستطيع إدراك حقيقة تلك الحياة بميزان الحسّ المشاهد ، فهي حياة غيبية ، في عالم آخر ، وطراز آخر ، وكلّ ما في الأمر أن الله تعالى أخبرنا عنها ، فلا نبحث عنها ، ويجب الإيمان بها ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ، بَلْ أَحْياءٌ ، عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران ٣ / ١٦٩].
وفيما ذكر إشارة إلى أن المؤمن الذي يضحي بنفسه في سبيل نصر دينه ودعوة ربه هو من الشهداء الأبرار الذين يظفرون بجنان الخلد ، وهم أحياء ، أرواحهم في حواصل طير خضر ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، كما ثبت في الحديث الصحيح.
ثم أقسم الله تعالى فقال : والله لنصيبنكم أيها المؤمنون بشيء قليل من خوف العدو في القتال ، والجوع بالجدب والقحط ، ونقص الأموال بضياعها ، والأنفس بموتها بسبب الاشتغال بقتال الكفار وغيره ، والثمرات بقلتها ، وقال الشافعي : بموت الأولاد ، وولد الرجل : ثمرة قلبه ، كما جاء في الخبر ، وذلك لتهدأ قلوب المؤمنين ، وتطمئن لما قد يفاجئهم به المستقبل من أحداث ، وليرضوا بقضاء الله