وقدره ، إذا تعرضوا لمصيبة ، وحدث كل هذا ، فكان المؤمن يصبح فقيرا حينما يؤمن وتهجره أسرته ، أو يخرج من دياره وماله حينما هاجروا إلى المدينة وتركوا مكة ، وكان المقاتل يتبلغ بتمرات يسيرات ، في أثناء الذهاب إلى المعارك ، ولا سيما في غزوتي الأحزاب وتبوك ، وكان يعاني المرض ويتعرض للموت حينما استقر في المدينة وأصابه وباؤها وحمياتها التي كانت فيها ، ثم حسن مناخها.
وبشر الصابرين الذين يؤمنون بالقضاء والقدر ، ولكن لا تتحقق البشار : إلا بالصبر عند الصدمة الأولى ، وهم يحتسبون الأجر عند الله قائلين : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) وتلك بشارة بحسن العاقبة في أمورهم ، فيوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ، ولهم من ربهم مغفرة لسيئاتهم ، ورحمة خاصة بهم يجدون أثرها في برد القلوب وسكينة النفس عند نزول المصيبة. وهذه الرحمة يحسد عليها الكافرون المؤمنين ، لأن الكافر تضيق به الدنيا إذا نزلت به المصيبة ، وقد يقتل نفسه ، وما أكثر حوادث الانتحار في أوربا وأمريكا!!
والصابرون بحق : هم المهتدون إلى الحق والصواب ونافع الأفعال ، وهم الذين فازوا بخيري الدنيا والآخرة. والصبر يكون عند الصدمة الأولى لحديث البخاري عن أنس : «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».
والبكاء أو الحزن مع الرضا والتسليم للقضاء والقدر لا ينافي الصبر والإيمان ، فقد جاء في الصحيحين أن النّبي صلىاللهعليهوسلم بكى حينما مات ولده إبراهيم ، فقيل له : أليس قد نهيتنا عن ذلك؟ قال : إنها الرحمة ، ثم قال : «إن العين لتدمع ، وإن القلب ليجزع ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
والمذموم : هو فعل ما نهى عنه الشرع من لطم الخدود وشقّ الجيوب والدعاء بدعوة الجاهلية من النواح المحرم على الأموات ، وفعل ما يستقبحه العقل من التفوه بكلمات تعبر عن السخط والاعتراض على ما قدّر الله وحكم به.