وقد وردت أحاديث وآثار كثيرة في الصبر وحدوده وقيوده والاسترجاع عند المصيبة ، منها ما رواه مسلم عن أم سلمة رضياللهعنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من عبد تصيبه مصيبة ، فيقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون (١) ، اللهم أجرني في مصيبتي ، وأخلف لي خيرا منها ، إلا آجره الله في مصيبته ، وأخلف له خيرا منها». وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضياللهعنهما عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من استرجع عند المصيبة ، جبر الله مصيبته ، وأحسن عاقبته ، وجعل له خلفا صالحا يرضاه».
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي موسى أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا مات ولد العبد ، قال الله تعالى لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون : نعم ، فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون : نعم ، فيقول : فما ذا قال عبدي؟ فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسمّوه بيت الحمد».
وقال عمر بن الخطاب رضياللهعنه : «ما أصابتني مصيبة إلا وجدت فيها ثلاث نعم : الأولى ـ أنها لم تكن في ديني ، الثانية ـ أنها لم تكن أعظم مما كانت ، الثالثة ـ أن الله يجازي عليها الجزاء الكبير» ، ثم تلا قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
والخلاصة : إن الآيات والأحاديث التي وضعت نظام الدين حضت على الصبر والاسترجاع والقول بما يرضي الله ، والاستسلام لقضاء الله وقدره ، والرضا بحكمه ، فحينئذ يجبر الله المصيبة ، بأن يعوض خيرا منها ، ويثاب الصابر بالقبول الحسن عند الله والفوز بالجنة.
__________________
(١) إِنَّا لِلَّهِ إقرار بالعبودية والملك ، وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إقرار بالفناء والبعث من القبور.