عباس يقول : متعة الطلاق : أعلاها الخادم ، ودون ذلك الورق ، ودون ذلك الكسوة.
وجعل الله تعالى هذه المتعة حقا واجبا على الذين يحسنون معاملة المرأة. وللفقهاء فيها آراء ، فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنها واجبة للمطلقة قبل الدخول ولم يسمّ لها مهر ، لظاهر قوله : (وَمَتِّعُوهُنَ) وقوله (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ). وهي مستحبة لسائر المطلقات ، كالمطلقة بعد الدخول ، والمطلقة قبل الدخول في نكاح فيه تسمية المهر (١).
وذهب مالك في المشهور عنه : إلى أن المتعة مندوبة ما عدا المطلقة قبل الدخول التي لم يسم لها المهر ، وقيل بوجوبها.
ورأى الشافعي وأحمد : أنها واجبة للمطلقة قبل الدخول سواء التي فرض لها مهر أو لم يفرض لها إلّا المطلقة قبل الدخول المسمى لها المهر ، وأوجبها الشافعية أيضا للمطلقة بعد الدخول ، لقوله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة ٢ / ٢٤١] يعني أن المتعة واجبة لكل مطلقة في مذهب الشافعي الجديد ما عدا المطلقة قبل الدخول التي سمي لها مهر.
والظاهر القول بالوجوب ، لظاهر الأمر : (وَمَتِّعُوهُنَ) وكأن الله جعل لها المتعة في مقابل ما جعل المسمى لها من نصف الصداق حال التسمية. وأما قوله : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) فليبين أن مقتضى الإحسان يوجب ذلك.
هذا هو القسم الأول المذكور في الآية وهو حكم المطلقة قبل الدخول والتي لم يسم لها المهر ، وهذه لها المتعة. ثم بيّن الله تعالى حكم القسم الثاني وهو المطلقة قبل الدخول التي سمي لها مهر ، وهذه لها نصف الصداق ، فقال الله تعالى فيما معناه :
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ١ / ٤٢٨