إذا طلقت المرأة قبل الدخول ، وقد سمّي لها صداق ، فيجب لها نصفه ولها حق أخذه في كل حال ، إلا أن تعفو المطلقة ، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الولي ، وعفوه : إسقاط الحق في نصف المهر ، وقيل : هو الزوج وعفوه : التنازل عن نصف الصداق المستحق له ، فتأخذ المهر كله ، كما بينا في شرح المفردات. والعفو أقرب لتقوى الله ، أي أن من عفا من الرجال والنساء فهو المتقي.
ولا تنسوا التفضل بينكم بالإحسان ، فتتركوه وتستقصوا أخذ كل المستحق ، فإن العفو خير لكم جميعا ، والله بما تعملون بصير ، فيجازي كلا على حسب نيته وعمله ، ويعلم من عفا ، وعامل بالإحسان من لم يفعل ذلك. وهذه خاتمة للتذكير باطلاع الله على كل ما يعامل به الأزواج بعضهم بعضا ، ترغيبا في الإحسان والفضل ، وترهيبا من المخاشنة والجهل.
فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ ذكر الله تعالى في هذه الآية حكم حالتين من الطلاق : المطلقة قبل الدخول وقبل تسمية المهر ، فجعل لها المتعة ، والمطلقة قبل الدخول وبعد تسمية المهر ، وجعل لها نصف الصداق.
والحكمة في المتعة وإيجاب نصف المهر قبل الدخول : جبر وحشة الطلاق ، والتعويض عما لحق المرأة من أذى وسوء سمعة ، فيكون ذلك سبيلا لرفع معنويات المرأة المطلقة ، ودفع الشبهات والريبة عنها ، وتوفير حسن الصيت وطيب الشهرة لها ، حتى لا تتضرر باحتمال إعراض الخطّاب عليها ، وتعكير صفو المستقبل المنتظر لها.
وهناك صنفان آخران من المطلقات : المطلقة المدخول بها المفروض لها المهر ، وقد ذكر الله حكمها قبل هذه الآية (في الآية : ٢٢٩) ، وأنه لا يسترد