الحاضر المبدوء به في أول الكلام : وهو الزوج ، إلى لفظ الغائب دل على أن المراد به غيره.
الثالث ـ أنه تعالى قال : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) يعني يسقطن ، ولا يتصور الإسقاط عن شيء من المهر إلا من الولي ، أما الزوج فيعطي.
الرابع ـ أنه تعالى قال : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) يعني يسقطن (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) يعني يسقط ، وكل هذا يرجع إلى النصف الواجب بالطلاق الذي تسقطه المرأة ، فأما النصف الذي لم يجب ، فلم يجر له ذكر.
ورجح ابن العربي هذا القول قائلا : والذي تحقق عندي بعد البحث والسّبر أن الأظهر هو الولي لثلاثة أوجه (١).
وللزوج في رأي الشافعي وأبي حنيفة : أن يترك ما يعود إليه من نصف المهر الذي سماه للزوجة ، لما رواه الدارقطني عن ابن عمرو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ولي عقدة النكاح : الزوج». وروى الدارقطني عن جبير بن مطعم : أنه تزوج امرأة من بني نصر (بطن من هوازن) فطلقها قبل أن يدخل بها ، فأرسل إليها بالصداق كاملا ، وقال : أنا أحق بالعفو منها ، قال الله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) وأنا أحق بالعفو منها.
١٠ ـ أقرب الزوجين للتقوى : الذي يعفو. وعلى الزوج ألا ينسى مودة أهل البيت الذين تزوج منهم ثم طلق ، وألا يهجرهم أو يسبهم ويلعنهم ويحقد عليهم ، كما هو حال الناس اليوم مع الأسف بعد حدوث الطلاق بين زوجين ، فصارت رابطة المصاهرة بعد انفصالها مرتعا للمخاصمات والمنازعات والمهاترات والمكائد ، وهذا كله مناقض لكتاب الله تعالى : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).
__________________
(١) راجع أحكام القرآن : ١ / ٢٢١