التفسير والبيان :
داوموا على الصلوات جميعها ، لما فيها من مناجاة الله ودعائه والثناء عليه ، ولأنها عماد الدين ، ولما لها من الأثر الفعال في تطهير النفس ، إذا كانت على النحو المقرر في الحديث : «اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك» (١).
والصلاة الوسطى داخلة في الصلوات ، وإنما خصها الله بالذكر تنبيها على شرفها في جنسها ، وتذكيرا بها ، سواء أكانت صلاة الظهر بسبب شدة الحر في الأقاليم الحارة ، ولأنها في وسط النهار ، كما رجح القرطبي ، أم صلاة العصر حيث يشغل الناس عنها لإنهاء أعمالهم اليومية ، وشكرا لله تعالى على التوفيق في إنجاز العمل اليومي الذي يعود بالثمرة الطيبة على النفس والأهل والوطن ، أم صلاة الصبح ، كما قال ابن عباس وابن عمر وأبو أمامة وعلي ، بسبب الحرص على النوم والتكاسل عن أدائها ، ولأنها أثقل صلاة على المنافقين ، أم غير ذلك وهي المغرب أو العشاء أو الجمعة ، وفي ذلك سبعة أقوال للعلماء ، رجح ابن العربي أن تعيينها متعذر (٢).
وقوموا خاشعين لله في صلاتكم ، متفرغين من كل مشاغل الدنيا التي تصرف القلب عن الخشوع ، ذاكرين الله دون سواه ، ساكتين لا تتكلمون بغير آي القرآن والدعاء والمناجاة بحسب تنظيم الشرع أحوال الصلاة. والقنوت في رأي مجاهد : هو السكوت ، ويدل عليه حديث زيد بن أرقم في سبب النزول المتقدم.
والمحافظة على الصلاة في وقتها مع الخشوع وحضور القلب دليل الإيمان وصحة الإسلام ، وأخوة الدين ، وحفظ الحقوق ، والمحافظ عليها هو الذي يرجى خيره ، ويؤمن شره ، روى أحمد وأصحاب السنن من حديث بريدة قال : سمعت
__________________
(١) أخرجه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه.
(٢) أحكام القرآن : ١ / ٢٢٤ ، وانظر أيضا البحر المحيط : ٢ / ٢٤٠ وما بعدها.