الإعراب :
(مَنْ ذَا الَّذِي) من : استفهامية مبتدأ ، وذا : خبره ، والذي : صفة : ذا أو بدل منه. (قَرْضاً) منصوب ، لأنه اسم أقيم مقام المصدر ، وهو الإقراض ، فانتصب انتصاب المصدر. (فَيُضاعِفَهُ) بالنصب ، معطوف بالفاء حملا على المعنى دون اللفظ ، كأنه قال : من ذا الذي يكون منه قرض ، فتضعيف من الله تعالى ، فقدر (أن) بعد الفاء ونصب بها الفعل ، وصيّرها مع الفعل في تقدير مصدر ، ليعطف مصدرا على مصدر. وعلى قراءة الرفع : إما معطوف على صلة (الَّذِي) وهو (يُقْرِضُ) ، وإما منقطع عما قبله.
البلاغة :
قال أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط : ٣ / ٢٥٣) : تضمنت الآية الكريمة من ضروب البلاغة وصنوف البيان أمورا كثيرة ، منها الاستفهام الذي أجري مجرى التعجّب في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) والحذف بين (مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) أي فماتوا ثمّ أحياهم ، والطّباق في قوله : (مُوتُوا) و (أَحْياهُمْ) ، وكذلك في قوله : (يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) ، والتكرار في قوله : (فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) و (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) ، والالتفات في (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ، والتشبيه بدون الأداة في قوله : (قَرْضاً حَسَناً) شبه قبوله تعالى إنفاق العبد في سبيله بالقرض الحقيقي ، فأطلق عليه اسم القرض ، والتجنيس في قوله : (فَيُضاعِفَهُ) وقوله : (أَضْعافاً).
المفردات اللغوية :
(أَلَمْ تَرَ) استفهام تعجيب واعتبار وتشويق إلى استماع ما بعده ، أي ألم ينته علمك ، والرؤية بمعنى العلم ، إذ الاستفهام الحقيقي محال على الله. (وَهُمْ أُلُوفٌ) أربعة أو ثمانية أو عشرة أو ثلاثون أو أربعون أو سبعون ألفا ، وهو جمع كثرة ، والقلّة : آلاف ، ومعناه كثرة كاثرة وألوف مؤلفة. (حَذَرَ الْمَوْتِ) مفعول لأجله ، وهم قوم من بني إسرائيل وقع الطاعون ببلادهم ففرّوا ، والحذر : الخوف والخشية. (مُوتُوا) أي فماتوا. (ثُمَّ أَحْياهُمْ) بعد ثمانية أيام أو أكثر بدعاء نبيّهم حزقيل ، فعاشوا دهرا عليهم أثر الموت ، لا يلبسون ثوبا إلا عاد كالكفن ، واستمرت في أسباطهم. (لَذُو فَضْلٍ) ومنه إحياء هؤلاء. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) وهم الكفار. (لا يَشْكُرُونَ) القصد من ذكر خبر هؤلاء تشجيع المؤمنين على القتال ، ولذا عطف عليه الأمر بالقتال بقوله : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي لإعلاء دينه. (سَمِيعٌ) لأقوالكم. (عَلِيمٌ) بأحوالكم فيجازيكم.
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ) أي يتصدّق لوجه الله. (قَرْضاً حَسَناً) بأن ينفقه لوجه الله عن طيب قلب.