السلام ، فكان في بني إسرائيل ، يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا ، فغلبوا على التابوت ، غلبهم عليه العمالقة : جالوت وأصحابه ، وسلبوا منهم التابوت.
وهذا أدل دليل على أن العصيان سبب الخذلان ، كما أوضح القرطبي (١). وظاهر بداية الآية : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ ...) وما قبلها يدل على أنهم كانوا مقرّين بنبوة هذا النبي الذي كان معهم (٢).
ودل قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) على مبدأ سد الذرائع ، لأن أدنى الذوق يدخل في لفظ الطعم ، فإذا وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم ، لذا لم يقل: «ومن لم يشرب منه».
ودل ذلك أيضا على أن الماء طعام ، وإذا كان طعاما كان قوتا لبقائه واقتيات الأبدان به ، فوجب أن يجري فيه الربا ، وهو الصحيح من مذهب مالك ، وهو أيضا مذهب الشافعي ، فلا يجوز بيع الماء متفاضلا ، ولا يجوز إلى أجل ، والعلة فيه : كونه مأكولا ومتحد الجنس. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : لا بأس ببيع الماء على الشط بالماء متفاضلا وإلى أجل. ولا يجوز بيعه كذلك عند محمد بن الحسن ، لأن علته في الربا الكيل والوزن ، وهو مما يكال ويوزن.
ودفع الله الناس بعضهم ببعض قد يكون بجماعة في مواجهة أخرى ، وقد يكون بالفرد الواحد ، قال ابن عمر : قال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة من أهل بيته وجيرانه البلاء» ، ثم قرأ ابن عمر : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة ٢ / ٢٥١] ، وروى جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله ليصلح بصلاح الرجل ولده ، وولد ولده ، وأهل دويرته ، ودويرات حوله ، ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم».
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٢٤٧
(٢) البحر المحيط : ٢ / ٢٦١