وقوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) بيان واضح أن دفعه سبحانه بالمؤمنين شر الكافرين فضل منه ونعمة.
ونبه تعالى نبيه بقوله : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) على أن هذه الآيات التي تقدم ذكرها لا يعلمها إلا نبي مرسل.
وفي هذه القصة القرآنية أحكام عامة أهمها ما يأتي :
١ ـ إن الشعور بالظلم والذل والاستعباد هو الذي يولد الانفجار ، وإن الأمم إذا اعتدي عليها لا سبيل إلى استرداد عزتها إلا بتوحيد صفوفها تحت قيادة زعيم عادل وقائد باسل ، كما فعل بنو إسرائيل حينما تغلب عليهم أهل فلسطين.
٢ ـ إن أول من يتنبه للخطر والضرر اللاحق بالأمة هم خواصها وعلماؤها وأشرافها وأهل الفضل فيها ، كما حدث من ملأ بني إسرائيل حينما طلبوا تنصيب ملك عليهم.
٣ ـ يظن الجهال أن أحق الناس بالزعامة والقيادة أصحاب النفوذ والثروة ، كما زعم بنو إسرائيل: (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) مع أن الأجدر بالقيادة أهل العلم والخبرة والمقدرة الشخصية والخلق الكريم.
٤ ـ إن من شأن الأمم الاختلاف في اختيار القائد أو الرئيس ، فيجب أن يكون هناك مرجح وحاسم للخلاف ، وكان ذلك المرجح هو ما يختاره نبي بني إسرائيل بطلب الملأ منهم ، والمرجح في الإسلام بعد النبي رأي أهل الحل والعقد : وهم العلماء وأصحاب المكانة في الأمة.
٥ ـ تتجلى شروط الإمامة في اختيار الأكفاء ، لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) وإذا انضم إلى ذلك قوة العصبة والقبيلة