وثمود ، وهم أشدّ من هذه القرية (فَلا ناصِرَ لَهُمْ) هؤلاء وهؤلاء ، ولا مولى لهم يلي أمرهم في كفرهم ، فلا بد لهم ان يذهبوا هلكى عجالة ام إجالة ، وقد هلك الكفر باهله عن مكة المكرمة فلم يبق فيها ولا مشرك واحد!.
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)
ترى ـ والميزان ميزان الله ـ ان الفريقين على سواء في ذلك الميزان؟ ظلما أو جهلا أو عجزا عن الموازنة العدل!. فالمؤمنون الصالحون الذينهم على بينة من ربهم : آية واضحة تدلهم إلى ربهم وعلى ما يتوجب لهم وجاه ربهم ، آية الوحي البينة لهم بآيات معجزات ، وآية العقل النابه التي تفرض عليهم تصديق البينات ، وآية النصر من ربهم .. (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) هكذا (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) الذين كفروا وزين لهم الشيطان اعمالهم فضلوا عن السبيل وهم يحسبون انهم مهتدون (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) فلم يتبعوا بينة من ربهم : عقولهم وآيات ربهم وإنما أهواءهم الهاوية ، وميولهم الغاوية ، أهما على سواء في ميزان العقل والعدل؟ انهم يختلفون حالا وبالا ومنهجا واتجاها ، مهما اتفقوا في شاكلة الانسانية الظاهرة ، فأولاء انعام وهؤلاء انسان! ، ومهما خفيت هنا الحال فسوف تظهر هناك يوم تنقلب الأحوال :
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ)
(مَثَلُ الْجَنَّةِ) لا وصفها الواقع ، وانما مثل من وصفها : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (٣٢ : ١٧) فالجنة ـ وحتى الجسمانية منها ـ هي ارفع وأعلى من أن يستوصفها الإنسان وهو في الحياة الدنيا ، اللهم الا لمن هم في