توجيه إلى الدعامة الاولى التي تتبنى الدعوة الاسلامية منذ بزوغها وعلى طول الخط ، تفريعا على كل ما مضى من ولاية الله للمؤمنين وان الكافرين لا مولى لهم «فاعلم» : ثباتا على ما علمت وعرفت ، ثم زيادة في العلم والمعرفة : «انه» : الشأن كله ، وشأنك كله : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) فضمير الشأن توحي بحصره في سبيل الدعوة في علم التوحيد ، الذي يشمل الروح كلها ، ويشغل العقل والصدر والقلب والفؤاد واللب كلها ، ثم يتخطاها الى واقع الحياة الرسالية كلها ، دون ان يجمد على المسالك ويثبت على قول (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) او الايمان به دون علم ، او العلم به دون ايمان ، وانما العلم اليقين ثم عين اليقين بما لكل من درجات ، وهي كلها مندرجات في «فاعلم ..» : العلم المطلق لا مطلق العلم ، وانما المطلق الذي يمازج روح الإنسان بجوانحها ، ثم يظهر في جسم الإنسان بجوارحه ، ويا لكلمة التوحيد من براعة ويراعة ، فأولها خالص الكفر : «لا إله» وآخرها خالص الايمان : «الا الله»!(١).
فلا تعني «فاعلم» انه كان جاهلا بالتوحيد قبل الأمر ، ولان العلم لا يحصل بالأمر ، ولو لا العلم بحقه لم ينزل عليه الوحي : «فاعلم» وسواه ، وإنما تعني فيما تعني الثبات والزيادة بأسبابها.
(فَاعْلَمْ) ... وتزود بهذا العلم البارع في سبيلك الغوغاء والشوكاء (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ).
وترى هل أذنب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حياته الرسالية أو قبلها ذنب العصيان حتى يؤمر بطلب الغفران؟
__________________
(١) علل الشرايع للصدوق باسناده إلى ابن شبرمة عن جعفر بن محمد (ص) قال لابي حنيفة : اخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها ايمان؟ قال : لا ادري! قال : هي (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) أولها كفر وآخرها ايمان.
(الفرقان ـ م ٨)