القول (١) و «المرء مخبو تحت لسانه» (٢) : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ .. وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) : مؤمنين ومنافقين.
ثم هنالك معرفة ثالثة بغير سيماهم ولحن القول ، هي أحيانية ، بما يرى الله ويريه ، والمنافقون منها حذرون : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) (٩ : ٦٤) وهي كسورة المنافقين وآيات أمثالها تفضح المنافقين ، كسنة أحيانية غير دائمة ، وانما تتبع موارد الضرورة.
فمهما خفيت الزاوية الاولى من مثلث هذه المعرفة ، إحالة لها إلى الآخرة ، ففي الثانية كفاية لمن يعرفون من لحن القول ، وفي الثالثة تتميم لما تفلت عن الثانية من لحن في غير القول ، مما يرجع إلى غيوب القلوب ، فيظهره علام الغيوب لرسوله الكريم ، حفاظا على كيان الدعوة والداعية ، ولكي تعيها أذن واعية ، يخرج الله بعض أضغانهم من مخارج لحن القول في كل حين ، وبعضا من مخارج سواه بعض حين ، ولكي تعبّد جادة الرسالة الجادة ، فيعبد الله عبادة جادة.
فاللحن المؤذن بالنفاق ليس ليختص بالقول ، فهناك ملامح من ألحان أخرى كلحن الفعل أو الاشارة أم ماذا؟ ومن ثم مقاييس أخرى يقاس عليها الناس ، وكما يروى (ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
__________________
(١) التوحيد للصدوق باسناده الى أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع) قال : قال لي : يا أبا عبيدة! خالقوا الناس بأخلاقهم وزايلوهم بأعمالهم ، إنا لا نعد الرجل فينا عاقلا حتى يعرف في لحن القول ثم قرأ هذه الآية (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ).
(٢) أمالي الطوسي باسناده إلى علي (ع) انه قال : قلت أربع أنزل الله تصديقي بها في كتابه : قلت المرء مخبو تحت لسانه فإذا تكلم ظهر فأنزل الله (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ).