إلا ببغض علي بن أبي طالب (ع) (١) فقد يوافقون الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم حسب الظاهر ثم ينافقونه ببغض كيانه الثاني ، ونسخته الكاملة علي (ع) ، فلا يجمع حب محمد الحبيب وبغض من هو استمرار لكيانه ، حاملا دعوته ، متخلقا بأخلاقه وهو باب مدينة علمه!
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) سنة حتمية تربوية إلهية هي بلوى المؤمنين ، امتحانا دون امتهان ، اختبارا لنفوسهم في معتركات البلايا والرزايا في سبيل الله : (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) ومن ثم اختبارا لاعمالهم التي تخبر عن نفوسهم كإذاعات خارجية : (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ).
و (نَعْلَمَ) هنا كما في نظائرها (٢) هي من العلم : العلامة ، لا العلم المعرفة ، فالله لا تخفى عليه خافية ، فإنه عليم بما في الصدور قبل أن تصدرها كأخبار ، وإنه يعلم السر وأخفى ، فكيف تخفى عليه السريرة وما دونها فيبلوهم لكي يعلم! وإنما هو علم : أن يجعل بالبلوى : جهادا وسواه ـ علامة
__________________
(١) الدر المنثور اخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : «ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلا ببغض علي بن أبي طالب».
وفي المجمع عن أبي سعيد الخدري قال : لحن القول بغضهم علي بن أبي طالب (ع) قال : كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) ببغضهم علي بن أبي طالب. ومثله عن جابر بن عبد الله الانصاري. وعن عبادة بن الصامت قال : كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب فإذا رأينا أحدهم لا يحبه علمنا انه لغير رشده ، قال أنس : ما خفي منافق على عهد رسول الله (ص) بعد هذه الآية.
(٢) نجدها في أحد عشر موضعا في القرآن ، لم تأت في أحدها موجها على مفعولين ، والعلم يتعلق دائما بمفعولين ، فليس إلا علما ـ من علم يعلم علما وعلامة ـ لا علم يعلم علما ، يدل على ذلك وحدة المفعول وأدلة الآيات والعقول ، وغم انه لم يذهب اليه أحد فيما أعلم ، فكم ترك الأول للآخر!.