فالطاعة في الواجب إيجابه وتطبيقه ، وفي الحرام تحريمه وتركه ، وفي المباح إباحته ، وفي المندوب الانتداب إليه ، وفي المكروه كراهته ، فمن يأتي بواجب بغير نية الوجوب ، من استحباب أو كراهية أو إباحة أم حرمة! فقد أبطله ، وهو أضل ممن لم يفعله ، فتجاوب الإيمان والنية والعمل مع الكتاب والسنة ، انه لزام صحة العمل ـ ف «لا قول إلا بعمل ، ولا قول ولا عمل إلا بنية ، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا باصابة السنة» (١) : سنة الله ورسوله (ص).
فمن أتى بواجب على شروطه ولكنه رئاء الناس فقد أبطل ، حيث لم يطع الله في نية العمل : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٤٠ : ١٤).
وترى ان البطلان طابع الأعمال التي يؤتى بها دون الطاعة ـ فقط ـ أم وانها تبطل بقية الأعمال التي تؤتى على وجوهها من الطاعة المصححة؟ كأنها هي الأولى كضابطة عامة ، ومن ثم الأعمال التي تربطها رباط الشرط والمشروط أم ماذا ، كمن يأتي بوضوء فاسد ، ثم يأتي بصلاة على شروطها إلا الطهارة ، فباطل الوضوء يبطل الصلاة ، أو يقال انها صلاة متخلفة عن الطاعة في الطهارة ، فلا تبطل الأعمال الطالحة إلا أنفسها ، كما الصالحة تصلح أنفسها ، فالأعمال التي يؤتى بها طاعة لله وللرسول صحيحة وسواها باطلة حابطة.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) :
قد تدق المغفرة أبواب بعض الكفار ، غير المشركين ، من الذين كفروا جهلا وقصورا ،
فلم يصدوا عن سبيل الله وماتوا وهم كافرون ، وبأحرى المسلمين ذوي الكبائر كل على حدوده وشروطه ، ولكنها وباب التوبة مغلقة على الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ، ولا سيما من
__________________
(١) وسائل الشيعة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام.