إسلام خلال عامين يربو إسلامهم خلال تسعة عشر سنة ، في عدد المحاربين ، فقد والله ـ وعلى حدّ تعبير رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كان أعظم فتح او أعظم الفتوح! (١)
ولكنه مع كل هذه المواصفات لا يبلغ مدى فتح الفتوح : فتح مكة المكرمة ، وإنما له نصيبه من معنى الفتح قدر ما فتح السبيل الى فتح مكة ، وكما يروى عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) قال : فتح مكة (٢).
فصلح الحديبية فتح إذ فتح مجالا واسعا موفقا محبورا لفتح مكة ، حيث أمنوا به بأس قريش فاتجهوا إلى تخليص وتطهير سائر الجزيرة عن سائر الكفار بفتح خيبر ، فقسم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم غنائمه بين من حضر الحديبية.
فلا تصدق رؤيا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) ولا وعده برده إلى معاد ، ولا دخول الناس في دين الله أفواجا ، ولا ظهور الإسلام على الكفر ظاهرا باهرا ، ولا فتح مبين ، إلّا في فتح مكة المكرمة : عاصمة الرسالة الإسلامية ومنطلق الدعوة ومولدها.
وفي الحق إنه فتح الفتوح ، كأنه الفتح لا سواه ، ولأنه غاية الفتوح وبغية المسلمين لا سواه ، إلّا كذرائع إليه ، ولحدّ تراه أحب إلى قلب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم من الدنيا وما فيها.
__________________
(١) كما مضى في المتن ـ عن الدر المنثور ٦ : ٦٨ ما أخرجه البيهقي عن عروة ..
(٢) الدر المنثور ٦ : ٦٩ ـ اخرج ابن مردويه عن عائشة (رض) قالت قال رسول الله (ص) انا فتحنا لك فتحا مبينا : قال : فتح مكة.
وفي نور الثقلين ٥ : ٤٨ في حديث عن الامام الرضا (ع) فلما فتح الله على نبيه مكة قال له يا محمد: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً).
أقول : لعله يعني بما فتح الله فتحها في الإمضاء كما مضى ، ثم وكافة الأحاديث الواردة في نزول السورة متفقة انها نزلت بعد الحديبية وان الرسول (ص) سرّ بها سرورا بالغا ، وليس ذلك الا لأنها بشارة لمستقبل هو ـ طبعا ـ فتح مكة وان كانت ـ ايضا ـ اشارة الى صلح الحديبية الذي هو فتح قبل الفتح ـ تأمل.