ثم المبايعة منها البيع المتقابل بين اثنين ، ترتكن على مبايع ومبايع له وسلعة وثمن للمبايعة ، وهنا المبايعون هم المؤمنون ، والمبايع له هو الرسول كرسول ، وهو الله كمرسل دافع للثمن ، والسلعة هي أنفسهم وأموالهم والثمن بان لهم الجنة : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ١١١). او وفوق ذلك : جنة الرضوان : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ..) (٢ : ٢٠٧).
ومنها مبايعة البيعة : نوع من الميثاق ببذل الطاعة ، وبايع السلطان إذا تضمن بذل الطاعة له إذا رضخ له ، ويمثلها في العادة وضع يدي المتبايعين على بعض إنجازا للبيع ، ومبايعة المؤمنين تحت الشجرة تضم كلتا المرحلتين أن باع المؤمنون أنفسهم وأموالهم لله ، واضعين أيديهم على يدي رسول الله بأنهم يبايعون الله ، فما هو إلا رسول! فان : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) يده كمشتر في هذه المبايعة وكمبايع له في هذه البيعة ، فهي ـ إذا ـ يد المبايعة البيعة ، إنجازا للبيع وإيفاء للبيعة دون أن تكون هنا أو هناك جارحة ، اللهم إلا للرسول والمؤمنين في تمثيل البيعة.
فطالما هم يبايعون الرسول تحت الشجرة ف (إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) إلا أن هناك أيد من تحت للمبايعة هي أيدي الرسول والمؤمنين ، ويد من فوق هي الأصل في المبايعة : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) وليست هي ثالثة تشاركهم في المبايعة ، وإنما تؤيدهم وتنجز لهم : للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قبولا لها ، وللمؤمنين إقبالا إليها ، فهي يد فوق الأيدي ولا تزال في كل مجال ، ولكنها في مجال البيعة ما دام الوفاء : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) إذ يرفع الله هنا يده فلا تأييد (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ