(عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) : (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) فإن الله يحب الوفاء والأوفياء ، ولا يحب الناقضين اللعناء.
ثم اليد ليست هي الجارحة فحسب ، إذ تستعمل في كلما للجارحة من أخذ وعطاء وقوة ورحمة وحنان وسلطان أم ماذا ، لحد غلب استعمالها في غير الجارحة وقل فيها (١) فالمتبع هي القرينة التي تدلنا على المعني منها ، ومن القرائن القاطعة صاحب اليد بكيانه ، إن كان يصاحب يدا جارحة فجارحة أحيانا وغيرها أخرى ك (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) (٢ : ٢٣٧) أو كائن من خلق الله ليست له يد الجارحة : كرحمة الله : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) (٧ : ٥٧) أم ماذا؟ فلا تعنى له هنا وهناك إلا يد غير جارحة ، فما ظنك برب العزة في يده ويديه وليست له أية جارحة «لا يحس ولا يجس ولا يمس ولا يدرك بالحواس الخمس» (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) أتظن ـ بعد ـ أن له يدا كالأيدي الجارحة و (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)! فوقية الذات والفعل والصفة ، وفوقية الإنية والكينونة ، فوقية تخرجها عن ذوات الخلق وأفعالهم وصفاتهم ، عن مادياتهم ـ وحتى ـ عن معنوياتهم ف (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) بأية مماثلة وفي أي شيء ، فهل تظن بعد أن له سبحانه يدا جارحة ـ أو تزيد قولك ـ كما يناسب ساحته ، زعما أن هذه القولة الفارغة تنفي عنه جارحة الجارحة! وليس هذا إلا كالقول أنه يجهل كما يناسب علمه ، ولا مناسبة بين الجهل والعلم ، ولا تناسبه تعالى أية جارحة ، فليست القولة الأفيونة العفنة :
__________________
(١) في مائة وعشرة موارد تذكر اليد في القرآن بصيغها المختلفة لا نجد الا قليلا يعني منها اليد الجارحة ، زهاء ٢١ ـ او ـ ٢٢ موضعا اي : ٢٠ / ١٠٠ إذا فمع عدم وجود القرائن لنا ان نشك في انها جارحة أو نتأكد انها ليست يد الجارحة ، فكيف إذا تواترت عساكر القرائن القاطعة ، لفظية ومعنوية وعقلية : ان يد الله لا يمكن ان تكون جارحة الا لمن غرب عقله وخرب حسه!.