سواه ، اللهم الا وحيا من الله : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) : وفي الكتاب ام سواه ، فكياني كرسول وحي ليس إلا إياه ، وهو الغيب الذي يرتضيه الله لمن يرضاه : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ..)(١) (٧٢ : ٢٦) فليس هو كل الغيب ، وانما ما تتطلبه الرسالة تثبيتا وواقعا ، دون فوضى واشتهاء : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) (٧ : ١٨٨) (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) (٦ : ٥٠) (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) (١١ : ١٢٣).
فالغيب المكشوف بالوحي الرسالي محدود بحدود الرسالة ، كما الغيب المستغرق كافة الغيوب لله لا محدود باللامحدودية الالهية ، والغيب المكشوف أحيانا للعباد الصالحين او المرتاضين خارج عن الحدين : الإلهي والرسالي ، فهو للصالحين حسب درجاتهم ولمن سواهم كالمرتاضين حسب محاولاتهم ، ولن يكشفوا عن غيب الله المخصوص به ، ولا غيب الوحي الخاص برسله.
وليس استكثار الخير ودفع السوء ، اللذان لا يمتّان بصلة للحفاظ على الرسالة وتبليغها ، انهما ليسا من الغيب المكشوف لرسل الله : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) وكما نرى ان الرسول والأئمة من آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم كانوا يغلبون كما يغلبون ، وكانوا يسمّون أو يقتلون كما كانوا يقتلون ، فلو كانوا يعلمون مواقع السوء لم يمسسهم ، ولو كانوا يعلمون مواضع الخير لاستكثروا منه ، اللهم الا فيما عرّفهم به الله وليس سنة شاملة لهم ، وانما كفلتات فيها الحفاظ على كراماتهم.
__________________
(١) راجع سورة الجن ج / ٢٩ من هذا التفسير تجد فيه تفصيلا عن علم الأنبياء بالغيب نفيا واثباتا.
(الفرقان ـ ٢)