متوقعين في كل لحظة انتهاء دورهم ، حتى يأخذوا هم في حريات الحيونات والشهوات ، وقد يلتحقون بهم إذا رأوا لهم سلطة وغلبة علهم ينتفعون ، ثم إذا عكس الأمر هم يفرون : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ..) (٢ : ٢٠).
ولكنما الميزان هو ميزان الله ، يحول المحال ـ بزعمهم ـ واجبا ، والواجب ـ في ظنهم ـ محالا ، فانه مقلب القلوب ومحول الأحوال.
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً. وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
من لا يؤمن بالله ورسوله ـ طبعا ـ هو كافر بالله ورسوله ، فهو بكفره المختار سعير النار ، وإذ يعتد الجبار للكافرين سعيرا فانما هو اعتداد ذواتهم الشريرة المسعرة بنيران الشهوات الكافرة ، فهم سعير هنا معتد ، لمّا يظهر في الاولى ، وهم سعير واقع في الاخرى جزاء وفاقا يظهر فيها ، والسعير نار شديدة التأجح هنا باطنة معتدة قبل الواقعة ، او ظاهرة واقعة : إذا وقعت الواقعة.
فظنهم السوء بالله ، وأموالهم وأهلوهم ، إنها تتعامل في تأجيج نار الله لهم يوم الله ، ثم لا مولى لهم يدافع عنهم ، كيف (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مليء السموات والأرض ، ملك الخلق والتدبير ، ملك التعمير والتدمير ، ملك الغفران والعذاب ، وان كان الأصل هو الغفران لمن يعمل له او يأهل : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) مشية العدل والفضل (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) مشية العدل إذ لا مجال هنا للفضل (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) : سبقت رحمته غضبه ، وفضله عدله ، مشيئة عادلة فاضلة دون فوضى ، فمن شاء الكفر واعتمل له عذبه ، ومن شاء الايمان وعمل له غفر له.
(سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً)