رغم أن مشركيها أولى بأس شديد جنّدت كافة طاقاتها واستنفرت عامة قواتها.
وقد تشير (أَوْ يُسْلِمُونَ) إلى فتح مكة العنوة ، حيث (أو) تخيّر بين مقاتلتهم وإسلامهم وقد أسلموا دون قتال! ولم يسبق لذلك مثيل في الفتوحات الإسلامية أبدا.
ومن جهة أنهم كانوا حاضري الجزيرة فلا يعبر عنهم بقوم المنكر كمن لا يعرفون ، وأن (أَوْ يُسْلِمُونَ) هي غاية الدعوة إلى حربهم ، تعني (تقاتلونهم حتى يسلموا) يشبه أنهم الفرس ، أكبر دولة حينذاك وأخطرها ضد الإسلام.
ولكن (أو) هي أصلا للتخيير وأضرابه (١) إلا بقرينة قاطعة تدل على انها بمعنى (حتى) واضرابها ، ولا قرينة هنا الا بخلافه ك (يُسْلِمُونَ)(٢) ، وان (قَوْمٍ) المنكر لا يعني انهم غير معروفين في الجزيرة ، بل رغم كونهم معروفين فيها قد يجهل خطرهم ، أو أنه تنكير التعظيم اشارة لعظيم مكرهم وخطرهم.
أو يقال : ان (قَوْمٍ) هنا تشملهما جميعا ، فرغم انهما قومان عنصريا وفي المكان والزمان ، لكنهما قوم واحد في الشرك والبأس الشديد ، والكفر ملة واحدة.
إذا ف (قوم) تنكير تعظيم لعظيم الخطر لمشركي مكة ، وتنكير تجهيل للفرس الخارجين النائين عن الجزيرة ، و (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) يشملهما على سواء ، حيث إن مشركي مكة كانوا خطرا على تأسيس دولة الإسلام ، المحتلة عندهم عاصمتها ، والفرس كانوا خطرا على استمرارها.
ثم و (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) تخيير بالنسبة للأولين حيث لم يجمعا لهم إذ
__________________
(١) خيّر أبح قسّم بأو وأبهم |
|
واشكك وإضراب بها ايضا نمي |
(٢) إذ لو كان بمعنى حتى نصب فكان «يسلموا».