أسلموا ففتحت مكة عنوة ، وغاية للآخرين حتى أسلموا بعد القتال ، (تقاتلونهم حتى يسلموا).
والآية تتحملهما بمرجحات كل في دلالاتها كما مضت ، ولا أخطر على الإسلام في حاضر دولتها من مشركي مكة وفي مستقبلها القريب من مشركي فارس.
ولأن مناوئي الدولة في بدايتها كانوا أخطر عليها ، ترى الآية تعنيهم اصالة والآخرين كتابعين ، حيث الدعوة الإلهية بالوحي تخص قتال الأولين (سَتُدْعَوْنَ) وان «او» للتخيير اصالة ، وهي هنا تخصه بشاهد «او يسلمون» فلو كانت تعني «حتى» كانت منصوبة : «او يسلموا» ولكنها تشمل «حتى» ضمنيا كما بيننا.
فهذه الآية ايضا من ملاحم الغيب لمستقبل الفتح العنوة في مكة وفتح القتال الغلبة في الفرس ، أن المخلفين من الأعراب سيدعون ضمن المؤمنين في استنفار عام في هاتين الجبهتين ، فإن أطاعوا الدعوة والداعية يؤتهم الله أجرا حسنا في الدنيا والآخرة ، وإن يتولوا كما تولوا من قبل يعذبهم عذابا أليما ولن يضروا الله شيئا ، حيث الفتح عنوة وغير عنوة لا محالة كائن دونما حاجة إلى المخلفين من الاعراب ، اللهم إلا ابتلاء لهم لكي يعرفوا ويعرفوا أنفسهم.
تلك الدعوة الصارمة العامة باستنفارها من يقدرون على إجابتها ، انها تحرج عامة الناس إلا الأعمى والأعرج والمريض :
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً).
الحرج هو حالة فوق الطاقة نفسيا أم سواها ، تستأصل الطاقات كلها لحد يضيق كل مدخل ومخرج كأنما يصّعد إلى السماء الخالية عن تنفس : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ