(سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
إنها سنة ثابتة إلهية لن تتبدل ، أن الكفار المهاجمين المقاتلين هؤلاء المسلمين ، يولون الأدبار ، سنة يسنها الإيمان الصامد المشفوع بنصر الله : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) (٤٧ : ٧) فلا تكفيها دعوى الإيمان او فكرته غير البارزة في الميدان ، فإن لها شروطا يجمعها جماع الإيمان (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٣ : ١٣٩).
ولقد ترى آيات تترى في تصريحات بطيات دعايات القتال الدفاع ، قاطعة آمال الكافرين : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (٣ : ١٠٨) لكنها تتعلق بالجو الذي يولد فيه انتصار المؤمنين ، حيث هم تاركون ولاية الكافرين (٩٦) معتصمين بالله مهتدين إلى صراط مستقيم (٩٧) متقين الله حق تقاته (٩٨) معتصمين بحبل الله لا متفرقين (٩٩) داعين إلى الخير آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر مفلحين (١٠٠ ـ ١٠١) ومن ثم : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (١٠٨) ـ (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً. سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)!
فلو انهم غلبوا وجاه الكفار لم يكن تبديلا لسنة الله ، وإنما تبديلا لسنة الإيمان ، وتبدلا للإسلام الصامد بالاستسلام ، فسنة الإنتصار دائبة لهم ما داموا مؤمنين.
(هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً).
انه نموذج من تلكم المواقف ، حاضرة حاذرة في فتح الفتوح ، أن الله تعالى كف أيدي المشركين المتطاولة عنهم ، وأيديهم كذلك ومتقابلا عنهم ببطن مكة