كانُوا يَفْعَلُونَ. وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (١١ : ٣٧).
ومن ثم في دولة الإمام القائم المهدي المنتظر المنتصر عليه السّلام ننتظر تزيلا ثانيا وأخيرا ، أن الله سوف يعذب الذين كفروا ، فلا خير فيهم ولا في أصلابهم ، إذا فهم حصب جهنم العذاب في الأولى والأخرى (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣٢ : ٢١) والعذاب الأدنى الموعود للفاسقين قبل الأكبر وبعد تزيلهم في طوفان نوح ، إنه ليس إلا في الرجعة في دولة القائم المهدي من آل محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم كما تشهد به آيات وروايات (١).
وهذان التزيلان من قبل ومن بعد قد يستحقان أداة الاستحالة «لو» كما هنا لأنهما مستصعبان (٢) كأنهما مستحيلان رغم انهما واقعان.
ف (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ ..) لم يكف الله أيديكم عنهم ـ و (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) كف أيديكم عنهم و (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) بأيديكم وما يفعل الله حسما لهم ـ فوجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لا يعرفون فيما بينهم ، وليدخل الله في رحمته من يشاء منهم ومن الكفار الذين يؤمنون ، وممن في أصلاب وأرحام المشركين من المؤمنين ، هذا المثلث البارع من الحكمة الإلهية حال دون استئصالهم في فتح مكة ، إضافة إلى إبراز روح الحنان للظافرين ان القصد من هذه الهجمة الرائعة ليس تفتح البلاد والانتقام من أهلها الظالمين ، وإنما تفتح القلوب المقلوبة : (لِيُدْخِلَ
__________________
(١) لقد فصلنا البحث حوله في كتابنا «رسول الإسلام في الكتب السماواة».
(٢) لقد تزيل هكذا الكافرون من قوم نوح طوال الف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ، على تصبر من نوح والمؤمنين معه ، وإياس منهم حتى قلوا ، كذلك يكون التنزيل الثاني الذي نعيش انتظاره فانه لحد الآن طال اكثر من الأول وما ندري كم طائله ، اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه واجعلنا من أعوانه وأنصاره آمين.