فهذه ثلاث درجات وبركات ينتجها الفتح العنوة الرحيمة ، رغم انهم كانوا في ثلاث دركات من كفر وصد عن المسجد الحرام والهدى ، واين ثلاث من ثلاث!
هذه جوانب من حكم الله في هذا الفتح العنوة (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) من الذين يستحقون الرحمة ـ ف :
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)
لَوْ تَزَيَّلُوا) : بينهم ، أن تفرقوا وامتازوا عن بعض فعرف المؤمنون والمؤمنات والذين يرجى منهم الايمان ، والذين في أصلابهم مؤمنون (١) فليس التزيّل بمعنى الزوال وكما في آية أخرى (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) (١٠ : ٢٨) فانه تزيّل بازالة الغشاوة بينهم وبين شركائهم أن يعرفوهم فيعلموا أنهم ليسوا بشركاء الله ، لا بازالة أنفسهم فان الآخرة موقف الدوام لا الزوال.
والمتزيلون هنا أعم من الكافرين والمؤمنين ، حيث (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) لا «لعذبناهم اجمع».
و «لو» هنا تحيل العذاب الجماعي في الدنيا لجموع الكافرين إلا بتزيل تام ، وكما الكافرون متزيلون عن المؤمنين يوم الدين ، فالله معذبهم هناك دون مهل ، كذلك يوم الدنيا لو تزيلوا فامتازوا عن المؤمنين ، وحتى الذين هم في أصلاب وأرحام كافرة ، وكما سبق هذا التزيل في قوم نوح وبعد صبر وعناء طويلين فاستبشر (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما
__________________
(١) تفسير البرهان ٤ : ١٩٨ ـ عن ابن بابويه القمي بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قيل له : ما بال امير المؤمنين لم يقاتل فلانا وفلانا؟ قال : لآية في كتاب الله عز وجل (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) قال قلت : وما يعني بتزيلهم؟ قال : ودائع مؤمنين في صلاب قوم كافرين وكذلك القائم (ع) لن يظهر ابدا حتى تخرج ودائع الله عز وجل فإذا أخرجت ظهر على من ظهر من اعداء الله فقتلهم.