مَحِلَّهُ) بمكة المكرمة كما في عمرة الحديبية.
وطالما الكفر كبيرة موبقة في ميزان الله ، ولكنما الصد عن المسجد الحرام وصد الهدى ان يبلغ محله ... انه كبيرة في الجاهلية ايضا ، كريهة في عرفهم الذي يعرفون.
فلم يكن كف ايدي المسلمين الظافرين بهم عفوا من الله لهم لصغر الجريمة ، وانما لحكم اخرى بعيدة المدى قريبة الهدى كثيرة الندى ، مما ياتي او مضى و (لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ...
فالحملة الجماهيرية لا تعرف الصديق من العدو حتى ولو عرفت الصديق ، كيف وهناك (رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) فلو لا أن كف الله أيديكم عن مشركي مكة لكنتم تطأوا المؤمنين مع المشركين ، وطأ هو وطأة عارمة (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ولكن (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ)
لقد كان هناك بعض المستضعفين من المؤمنين في مكة لم يهاجروا ولم يعلنوا إسلامهم بقية على أنفسهم وتقية من أعدائهم ، فلو دارت الحرب وهاجم المسلمون مكة وهم لا يعرفون المسلمين المجهولين لكانت عليهم معرة تصيبهم بغير علم ، فدعاية عليهم من المشركين ان كيف يقتلون أضرابهم.
إنه (كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ... لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) من مؤمنين ومؤمنات كانوا بين المشركين ، ومنهم من كانوا في أصلاب رجال وأرحام أمهات من المشركين ، ومن مشركين قسمت لهم الهداية والدخول في رحمة رب العالمين (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٧١ ـ اخرج بسند جيد عن جماعة عن أبي جمعة قال : قاتلت النبي (ص) اوّل النهار كافرا وقاتلت معه آخر النهار مسلما وفينا نزلت (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ ..) وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين.
أقول : وقد تشمل الآية جو الحديبية إذ كف أيديهم عن بعض فلم يبتل المؤمنون بقتل اضرابهم عن جهل ، ولكنها لا تختص به إذ لم يظفرهم الله عليهم هناك ، اللهم إلا في فتح مكة.