الشياطين ، فلا تظهر منه أية جفاوة .. وللمؤمنين سدا للثورة الفورة التي تتطلبها تلك الجاهلية في المشركين حتى يهدأوا في ظلال الرسول دونما فورة ولا ثورة.
فقلب المؤمن مستكن بربه ، مطمئن بمآربه في سبيل ربه ، ولكنه بحاجة إلى سكينة زائدة ليزداد إيمانا واطمئنانا ، حيث التقوى قد تفلت وجاه نعرات الجاهلية ، فبالسكينة تلزم في ذواتهم وتندغم في إنياتهم :
(وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) : وانها كلمة التوحيد (١) العريقة الوطيدة ، لا لفظته الخاوية عن العمل والعقيدة ، وإنما الدالة منها في كافة مجالات الدلالة ، فإن الكلمة هي الدالة ، ففي مجال العقيدة تدل ، وفي مجال العمل تدل ، فلا تزال دالة فعالة حتى تستأصل كل طغوى ، وتجمع كل تقوى في كافة ميادين الحياة ، ولكي تخفت صوت الطغوى ، مراقبة للرب في كل حركة وخالجة ، داخلة وخارجة ، فلا يتبطر ولا يطغى لذاته ، وإنما لربه ودينه ، والرب يأمر هنا بكظم فائرة الغيظ : (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ).
ولم تكن لزام التقوى بعيدة عنهم تقحم فيهم ، فإنهم كانوا مؤمنين مطمئنين مستكنين بسكينة من الله ـ بل :
(وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) : كانوا أحق الناس بكلمة التقوى ، وكانوا أهلها : أهلا لها إذ كانوا متقين ، وأهلا لها ان يزيدهم الله هدى وتقوى : (وَالَّذِينَ
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٨٠ ـ اخرج الترمذي وعبد الله بن احمد في زوائد المسند وابن جرير والدار قطني في الافراد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب عن النبي (ص) (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) وكما أخرجه جماعة آخرون عن آخرين كسلمة بن الأكوع وعثمان عنه (ص) وعن علي عليه السلام وعن ابن عباس ، هي رأس كل تقوى ، كذلك وعن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء وعن الزهري انها بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أقول وهي من فروع كلمة الإخلاص.