له ، ولكي يخرج الى المؤمنين فارغ البال ، غير مضطرب الحال ، ف «كان خيرا لهم» أما هو فلا يألو جهدا في سبيل الله ، وكل عقبة له يجتازها ، وكل صعوبة يتحملها ، إنها تزداده خيرا ، ولكنكم أنتم المؤمنين! ليس لكم ان تكونوا له أذى ، فاصبروا له حتى يخرج ، وثابروا حتى لا يتحرج (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) عما مضى ممن لا يعقلون ، وكذلك لمن يعقلون لو كانوا يرجعون عن جفوتهم العامدة.
وهكذا يجب ان تراعى حرمة الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم ومن حذى حذوه ونحى نحوه ، فاحتذى على مثاله ومثله ، وانتهى قرابة ما انتهى اليه برسالته ، كالعلماء المعصومين من عترته ، ثم وسائر الربانيين من أمته ، كلا على حده ومحتده والله من وراء القصد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)
ادب جماعي تحمله آية النبأ ، يقرر للجماعة المؤمنة كيف يتلقون الأنباء ، فإنهم لا يشاهدون جمعاء حضور المباشرة ، اللهم الا قلة قليلة ، ومن ثم تبقى الكثرة الكثيرة غائبة عن الإدراك المباشرة ، ومن المستحيلات في الحياة الجماعية الاستقلال بما يشاهده الإنسان ، دون استغلال لما يشاهده غيره فيشهد به ، وهذه الآية كعديد أمثالها ، تنهى عن الركون الى انباء الفاسقين الا إذا تبين فيها صدق يجعله علما كسائر العلم ، الذي يعتمد عليه المؤمنون العقلاء ، والعقلاء المؤمنون.
ان الأخذ والرفض في الأنباء ليسا فوضى دون حساب ، وانما لكلّ ميزان عادل ، فلا يؤخذ خبر الفاسق الا ان يتبين صدقه ، ولا يرفض خبر العادل الا ان يتبين خطاه ، ثم لنا بين الأخذ والرفض وقفة لو لم يتبين لا صدق ولا كذب ، وليس ذكر الفاسق هنا الا لأنه أظهر مظان الكذب ، فليشمل الجاهل والناسي والساهي واضرابهم ممن يتطرق الى انباءهم خلاف الصدق وان كانوا غير عامدين او ان الفاسق يشملهم كلهم لأنه خروج عما يحق من طاعة الله ، علما أو عملا ،