وخطاب الآية هذه لا يشمل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لمكان (الَّذِينَ آمَنُوا) المختصة بالمؤمنين بالله والرسول ، وأن الاصابة بجهالة والندامة عليها ليست من شيم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ، فلا تصدق عليه الروايتان في الوليد وعائشة (١) ، وقد تصدقنا الآية التالية لها ، الناكرة لاتّباع الرسول في هكذا امور :
__________________
(١) لقد رويت في شأن نزول هذه الآية روايتان ، إحداهما عن طريق الفريقين في الوليد بن عقبة ان النبي (ص) بعثه الى الحارث بن ضرار الخزاعي ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فرجع قبل ان يصل اليه فقال : ان الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله البعث الى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم : الى من بعثتم؟ قالوا : إليك ، قال : ولم؟ قالوا : ان رسول الله (ص) بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم انك منعته الزكاة وأردت قتله ـ قال : لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته وما رآني ـ فلما دخل الحارث على رسول الله (ص) قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال : لا والذي بعثك بالحق ما رأيت وما رآني وما أقبلت الا حين احتبس علي رسول الله (ص) خشيت ان يكون كانت سخطة من الله ورسوله ـ فنزل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ..) (الدر المنثور) أخرجه احمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه بسند جيد عن الحارث بن ضرار قال : قدمت على رسول الله (ص) فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ودعاني الى الزكاة فأقررت بها ـ قلت : يا رسول الله (ص)! ارجع الى قومي فأدعوهم الى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي وترسل الي يا رسول الله (ص) إبان كذا وكذا لتأتيك ما جمعت من الزكاة ، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الابان الذي أراد رسول الله (ص) ان يبعث اليه احتبس الرسول فلم يأت فظن الحارث انه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله فدعا بسروات قومه فقال لهم : ان رسول الله (ص) كان قد وقت لي وقتا يرسل إلى رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة وليس من رسول الله (ص) الخلف ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة فانطلقوا فنأتي رسول الله (ص) .. وبعث ...
أقول : لا يمكن قبول هذا الحديث هكذا ـ ان يعتمد رسول الله (ص) على قول فاسق فيبعث اليه بعثة تقاتله ، اللهم الا ان «فزعم انك منعته ..» تلمح الى عدم ركون الرسول الى قول ـ